عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2013   #1523


الصورة الرمزية مفرح التليدي
مفرح التليدي غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 948
 تاريخ التسجيل :  Jan 2012
 أخر زيارة : منذ 4 يوم (06:02 PM)
 المشاركات : 10,318 [ + ]
 التقييم :  623076150
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مدونة أبو مسلم (قصص وفوائد ونوادر)



قصة عجيبة يرويها الأصمعي


قال : دخلت البصرة أريد بادية بني سعد وكان على البصرة يومئذ خالد بن عبد لله القسري, فدخلت عليه يوما فوجدت قوما

متعلقين بشاب ذي جمال وكمال وأدب حسن الصورة طيب الرائحة جميل البزة عليه سكينة ووقار

فقدموه إلى خالد فسألهم عن قصته فقالوا : هذا لص أصبناه البارحة في منزلنا


فنظر إليه فأعجبه حسن هيئته ونظافته فقال خلوا عنه ثم أدناه منه وسأله عن قصته .

فقال : ان القول ما قالوه , والأمر على ما ذكروه . فقال خالد : ما حملك على ذلك , وأنت في هيئه جميله وصورة حسنه ؟

قال: حملني الشره في الدنيا , وبذا قضى الله سبحانه وتعالى .

فقال خالد : ثكلتك أمك , آما كان لك في جمال وجهك وكمال عقلك وحسن أدبك زاجر لك من السرقة؟

قال : دع عنك هذا ايها الأمير وأنفذ ما أمرك الله به , فذلك بما كسبت يداي , وما الله بظلام للعبيد .

فسكت خالد قليلا يفكر في أمر الفتى .

ثم أدناه منه وقال له : اعترافك على رؤوس الأشهاد قد رابني , وأنا ما اظنك سارقا , ولك قصة غير السرقة , فأخبرني بها .

فقال : أيها الأمير , لا يقع في نفسك سوى ما اعترفت به عندك .

وليس لي قصة اشرحها لك الا أني دخلت دار هؤلاء فسرقت منها مالا فأدركوني وأخذوه مني وحملوني اليك .

فأمر خالد بحبسه , وأمر مناديا ينادي في البصرة :

الا من أحب ان ينظر الى عقوبة فلان اللص وقطع يده فليحضر من الغد .

فلما استقر الفتى في الحبس ووضع في رجليه الحديد تنفس الصعداء ثم انشأ يقول :

هددني خالد بقطع يدي *** ان لم أبح عنده بقصتها

فقلت هيهات ان أبوح بما *** تضمن القلب من محبتها

قطع يدي بالذي اعترفت به *** أهون للقلب من فضيحتها


فسمعه السجانون فأتوا خالدا واخبروه بذلك . فلما جن الليل أمر بإحضاره عنده فلما حضر استنطقه , فراه أديبا عاقلا

لبيبا ظريفا , فأعجب به . فأمر بطعام فأكلا وتحادثا ساعه ثم قال له خالد : قد علمت ان لك قصه غير السرقة

, فأذا كان الغد وحضر الناس والقضاة وسألتك عن السرقه فأنكرها واذكر فيها شبهات تدرأ عنك القطع .


فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادرأوا الحدود بالشبهات . ثم رده الى السجن .

وفي الصباح لم يبقى رجل ولا امرأه الا حضر ليرى عقوبة ذلك الفتى , وركب خالد ومعه وجوه أهل البصرة .

ثم دعا بالقضاة , وأمر بإحضار الفتى , فأقبل يرسف في قيوده , وبكت النساء عليه .

ثم قال له خالد هؤلاء القوم يزعمون انك دخلت دارهم وسرقت مالهم فما تقول ؟

فقال الفتى : صدقوا أيها الأمير : دخلت دارهم وسرقت مالهم . قال خالد : لعلك سرقت دون النصاب ؟

قال بل سرقت نصابا كاملا . فقال له : لعلك شريك للقوم في شيء منه ؟ قال : بل هو جميعه لهم , لا حق لي فيه .

فغضب خالد وقام بنفسه وضربه على وجهه بالسوط وقال متمثلا :

يريد المرء ان يعطى مناه *** ويأبى الله إلا ما أرادا

ثم دعا بالجلاد ليقطع يده, فحضر واخرج السكين ومد يد الفتى ووضع عليها السكين يريد ان يقطعها به

فبرزت من بين النساء فتاة فصرخت ورمت بنفسها عليه , ثم اسفرت عن وجه كأنه البدر , وارتفع للناس ضجه

عظيمه كاد ان تقع منها فتنه , ثم نادت بأعلى صوتها : ناشدتك الله أيها الأمير , لا تعجل بالقطع حتى تقرأ هذه الرقعه

ثم دفعت اليه رقعة ففضها خالد , فأذا هي مكتوب فيها :

أخالد هذا مستهام متيم *** رمته لحاظي من قسي الحمالق

فأصماه سهم اللحظ مني فقلبه *** حليف الهوى من دائه غير فائق

أقر بما لم يقترفه لأنه *** رأى ذاك خيرا من هتيكة عاشق

فمهلا على الصب الكئيب لأنه *** كريم السجايا في الهوى غير سارق


فلما قرأ خالد الأبيات تنحى عن الناس , وأحضر الفتاة وسألها عن القصه , فأخبرته بأن الفتى عاشق لها .

وهي له كذلك , وانه اراد زيارتها وان يعلمها بمكانه فرمى بحجر الى الدار فسمع ابوها واخوتها صوت الحجر فصعدوا اليه

فلما احس بهم جمع قماش البيت وجعله صره , فأخذوه واخذوا الصره وقالوا عنه انه سارق , واتوا به اليك , فاعترف

بالسر قه وأصر على ذلك حتى لا يفضحني بين إخوتي , وهان عليه قطع يده لكي يستر علي . فقال خالد انه خليق بذلك ,

ثم استدعى الفتى وقبل ما بين عينيه , وأمر بإحضار أبي الفتاه وقال له

يا شيخ إنا كنا عزمنا على انفاذ الحكم في هذا الفتى بقطع يده , وعصمني الله من ذلك .

وقد امرت له بعشرة الاف درهم لبذله يده في حفظ عرضك وعرض ابنتك , وصيانته لكما من العار .

وقد امرت لأبنتك بعشرة الاف درهم . وأنا اسألك ان تأذن لي في تزويجها منه . فأذن له , وتزوج الفتى بالفتاه.



 
 توقيع : مفرح التليدي



رد مع اقتباس