عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2013   #1545


الصورة الرمزية مفرح التليدي
مفرح التليدي متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 948
 تاريخ التسجيل :  Jan 2012
 أخر زيارة : منذ ساعة واحدة (06:05 PM)
 المشاركات : 10,318 [ + ]
 التقييم :  623076150
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي رد: مدونة أبو مسلم (قصص وفوائد ونوادر)



الوفاء عند العرب (قصة الملك النعمان بن المنذر بشكل أكثر تفصيلا )


الوفاء من الصفات المحمودة التي اثنى بها الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين قال تعالى(والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) وقال سبحانه ( يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) وقال جل جلاله (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً)

وما احوجنا ن نكون اوفياء مع الله .. مع والدينا .. مع اهلينا .. مع الناس

انقل إليكم هذه القصة التي سمعتها من خطبة الجمعة بتاريخ 20/11/1433هـ والتي بحثت عنها واستقيتها بتصرف
تحكي كتب التراث أن النعمان بن المنذر كان هاويًا للصيد، وكان لديه فرس اسمه اليحموم ، فامتطى جواده ذات يوم للصيد ، ورأى حمارا وحشيا وأراد صيده ، فتتبعه النعمان يعدو خلفه ، حتى ضل طريقه في الصحراء ، فلا هو استطاع أن يرجع إلي قصره ، ولا هو استطاع أن يصطاد الحمار، وفي أثناء حيرته لمح في كبد الصحراء خيمة ، فاقترب منها ، وشاهد في داخلها رجل وامرأته.
أحس الرجل وزوجه بالقادم إلي الخيمة ، كان رجلا مهيبا يدل منظره وملابسه على أنه من علية القوم !
فقال لهما : هل مِن مَأوى ؟


فقال حنظله : نعم


فخرج إليه فأنزَلَه و لَم يَكُن للطائيِّ غَيرُ شاةٍ وهو لا يَعرفُ النعمانَ، فقال لامرأته : أرى رجلاً ذا هيئةٍ وما أخْلَقَهُ أنْ يكون شريفاً خطيراً (مُهِمّاً) فما الحيله ؟


فقالت : عِندي شَيءٌ مِن طَحينٍ كُنتُ ادّخرتُه ، فاذبحِ الشاةَ لأتَّخِذَ مِن الطحينِ مَلَّه


فأخرجت المرأةُ الدقيقَ فخبزَت مِنه مَلَّة وقام الطائيّ إلى شاته فاحتلبها ثُمَّ ذَبحها فاتخذَ مِن لحمها مَرَقة مَضِيرة وأطعمه مِن لحمها وسقاهُ مِن لَبَنِها واحتالَ لَهُ شراباً فسقاهُ و جعل يُحَدثه بقية ليلته (أي يؤنسُ ضيفَهُ ويكرمه بالحديث إليه) فلما أصبحَ النعمانُ لبسَ ثيابه و رَكِبَ فَرسَه ثُم قال :


يا أخا طيء : اطلب ثَوَابك ، أنا الملك النعمان


قال : أَفْعَلْ إنْ شاء الله


ثُمّ لَحِقَ الخيلَ فمضى نَحوَ الحِيرة ومكث الطائي بعد ذلك زماناً حتى أصابَتهُ نَكْبةٌ وجَهْد وساءَت حالُه ، فقالت له امرأته :


لو أتيتَ الملك لأحسَنَ إليك


فأقبلَ حتى انتهى إلى الحِيرَة فوافق يومَ بؤس النعمان


( و هو يومٌ كان النعمانُ يقتل فيه أولَّ مَن يراه )


فإذا هو واقفٌ في خَيْله في السلاح فلما نَظرَ إليه النعمان عرفه وساءَهَ مكانُه، فوقف الطائيّ المنزولُ به بين يدي النعمان، فقال له : أنتَ الطائيُّ المنزولُ به ؟


فقال حنظلة الطائي : نعم


قال النعمان : أفلا جِئْتَ في غير هذا اليوم ؟


قال حنظلة الطائي: أبَيْتَ اللعن .. و ما كان علمي بهذا اليوم ؟


أبيت اللعن : كلام و تحيه تقال لملوك العرب في الجاهليه معناها الدعاء بالبراءه من النقائص أي لا فعلت ما تلعنك الناس


قال النعمان : و الله لو سَنَحَ لي في هذا اليوم قابوسُ ابني لم أجد بُدَّاً مِن قتله ، فاطلب حاجَتَكَ مِن الدُّنيا و سَلْ ما بدا لك ، فإنَّكَ مقتول


قال حنظلة الطائي: أبَيْتَ اللعنَ وما أصنَعُ بالدنيا بَعدَ نفسي


قال النعمان : إنَّهُ لا سبيل إليها


قال حنظلة الطائي: فإنْ لي صبية صغاراً، وأهلاً جياعاً
وقد أرقت ماء وجهي في حصول شيء من البلغة لهم ، وقد

أقدمني سوء الحظ على الملك في هذا اليوم العبوس ، وقد قربت
من مقر الصبية والأهل وهم على شفا تلف من الطوى
ولن يتفاوت الحال في قتلي بين أول النهار وآخره
فإن رأي الملك أن يأذن لي في أن أوصل إليهم هذا القوت
وأوصي بهم أهل المروءة من الحي ، لئلا يهلكوا ضياعاً
ثم أعود إلى الملك وأسلم نفسي لنفاذ أمره




فقال النعمان : فأَقِمْ لي كَفيلاً بموافاتك


فالتفتَ الطائيُّ إلى شُريك بن عمرو بن قيس من بني شيبان وكان يُكَنَّى أبا الحَوْفَزَان وكان صاحب الردافة وهو واقفٌ بِجَنبِ النعمان فقال له :


يَا شَرِيكٌ يَا بْنَ عَمْرٍو ** مَا مِنَ الْمَوْتِ مَحَالَهْ


يَا شَرِيكٌ يَا بْنَ عَمْرٍو ** يَا أَخَا مَنْ لاَ أَخًا لَهْ

يَا أَخَا شَيْبَانَ فُكَّ الْ ** يَوْمَ رَهْناً قَدْ أَنَالَهْ

يَا أَخَا كُلِّ مُضَافٍ ** وَ حَيَا مَنْ لاَ حَيَا لَهْ

إِنَّ شَيْبَانَ قَبِيلٌ ** أَكْرَمَ اللهُ رِجَالَهْ

وَ أَبُوكَ الْخَيْرُ عَمْرٌو ** وَ شَرَاحِيلُ الْحَمَا لَهْ

رَقَّيَاكَ الْيَوْمَ فِي الْمَجْ ** دِ وَ فِي حُسْنِ الْمَقَالَهْ


فأبى شُرَيْكٌ أنْ يتكفل به ، فوثب إليه رجلٌ لا يعرفه مِن قبيلة كلب يُقال له قُرَاد بن أجْدَع ، فقال للنعمان :


أبيت اللَّعْن هو عليّ


فقال النعمان : أفعلت ؟


فقال : نعم


فضمّنه إياه ثم أمر للطائي بخمسمائة ناقه ، فمضى الطائيّ إلى أهله وجَعَلَ الأجَلَ حولاً ( عاماً ) مِن يومه ذلك إلى مثل ذلك اليوم من قابل، فلما حال عليه الحولُ وبقي مِن الأجل يَوم، قال النعمان لقُرَاد : ما أراك إلا هالكاً غَداً


فقال قُرَاد :


فَإِنْ يَكُ صَدْرُ هَذَا الْيَوْمُ وَلَّى ** فَإِنَّ غَدَاً لِنَاظِرِهِ قَرِيْبُ


فلما أصبح النعمان ركب في خَيلِهِ ورَجْلِهِ مُتَسَلِّحاً كما كان يفعل حتى أتى الغَرِيَّيْنِ فوقف بينهما وأخرجَ معه قُرَاداً وأَمرَ بِقَتلِهِ فقال له وزراؤُه :


لَيسَ لك أنْ تَقتُله حتى يستوفي يَومَه


فتركه وكان النعمان يشتهي أنْ يَقتُلَ قُرَاداً ليُفْلِتَ الطائي مِن القتل، فلما كادت الشمسُ تَجِبُ و قُرَاد قائم مُجَرَّد في إزار على النِّطَع والسيافُ إلى جنبه أقبلت امرأته وهي تقول :


أَيَا عَيْنُ بَكِّي لِي قُرَادَ بْنَ أَجْدَعَا ** رَهِيْنَاً لِقَتْلٍ لَا رَهِيْنَاً مُوَدَّعَا


أَتَتْهُ الْمَنَايَا بَغْتةً دُونَ قَومِهِ ** فَأَمْسَى أَسِيْرَاً حَاضِرَ الْبَيْتِ أَضْرَعَا


فبينا هم كذلك إذ رفع لهم شخصٌ مِن بعيد وقد أمر النعمان بقتل قُرَاد، فقيل له :


ليس لك أن تقتله حتى يأتيك الشخص فتعلم مَن هُوَ ؟؟


فَكَفَّ حتى انتهى إليهم الرجلُ فإذا هو حنظلة الطائي ، فلما نظر إليه النعمان شَقَّ عليه مَجيئُهُ فقال له :


ما حملكَ على الرجوعِ بعدَ إفلاتِكَ مِن القتل ؟


فقال : الوفاء


فقال النعمان : و ما دَعَاكَ إلى الوفاء ؟


قال : دِينِي


فقال النعمان : فاعْرِضْهَا عليّ ( أي أعرض ديانتك عليّ )


فعرضها عليه فَتَنَصَّرَ النعمان وأهلُ الحِيرة أجمعون ، وكان قبل ذلك على دين العرب ( الوثنيه )
فأطرق النعمان، ثم رفع رأسه
وقال ::
والله ما رأيت أعجب منكما
أما أنت يا طائي
فما تركت لأحد في الوفاء مقاماً يقول فيه
ولا ذكراً يفتخر به
وأما أنت يا شريك
فما تركت لكريم سماحة يذكر بها في الكرماء
فلا أكون لئيم ثلاثة
ألا وإني قد رفعت يوم بؤسي عن الناس
ونقضت عادتي كرامة لوفاء الطائي
وكرم شريك


فأنشد الطائيّ يقول :


مَا كُنْتُ أُخْلِفُ ظَنَّهُ بَعْدَ الَّذِي ** أَسْدَى إِلَيَّ مِنَ الْفِعَالِ الْخَالِي


وَ لَقَدْ دَعَتْنِي لِلْخِلَافِ ضَلاَلَتِي ** فَأَبَيْتُ غَيْرَ تَمَجُّدِي و فِعَالِي


إِنِّي امْرِؤٌ مِنِّي الْوَفَاءُ سَجِيَّةً ** وَ جَزَاءُ كُلِّ مَكَارِمٍ بَذَّالِ


وقال أيضاً يمدح قُرَاداً :


أَلَا إِنَّمَا يَسْمُو إِلَى الْمَجْدِ وَ الْعُلَا ** مَخَارِيْقُ أَمْثَالَ القُرَادَ بْنَ أَجْدَعَا


مَخَارِيْقُ أَمْثَالَ الْقُرَادَ وَ أَهْلَهُ ** فَإِنَّهُمُ الْأَخْيَارُ مِنْ رَهْطِ تُبَّعَا


 
 توقيع : مفرح التليدي



رد مع اقتباس