فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
- "تحليقات في فضاءات همس القصيد" | ملتقى القصائد | | ونبض | | الشعر| | الشعراء | |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
من أروع قصائد الرثاء (كعب الغنوي يرثي أخاه أبا المغوار)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين .. (قراءة ذاتية في مرثية كعب الغنوي التي يرثي بها أخاه أبا المغوار ) في البدء : متى نقول من عيون المراثي ؟! إلا إذا كان المرثيــُّون عيونا ! وكيف نقرؤ ذاك الشعر ؟! إلا إذا علمتنا الحياة تلك اللغة ! لغة الندب , والتأبين , وصدق الرثاء .. , , , , الأخوّة رباط ٌ رباني مقدس , لا تنفصم عراه بالهجر ، ولا تضعف أواصره بالرحيل .. وما أكثر بكاء الإخوة في تراثنا :المهلهل وكليب , الأعشى ومنتشر , الخنساء وصخر ... ومجموعة الإخوة الثكالى غير منتهية .. ومنها هذه القصيدة التي قالها الشاعر المسلم : كعب بن سعد الغنوي , ذكره ابن سلام في طبقاته , وسئل عنه الأصمعي فقال : مرثية ليس في الدنيا مثلها .. هي بائية ٌ مضمومة , وبكائية ٌ مكلومة .. تقول سليمى : ما لجسمك شاحب ٌ ** كأنك يحميك الشراب طبيب ُ إنه لا يعاني شحوبا جسديا وحسب يا سليمى ! لـَــهان َ العرَض ُ , ولكنه بعد أبي المغوار يقاسي شحوبا نفسيا , وهذا من شديد المرض ..! تتابع أحداث تخر من إخوتي ** وشيــَّبن رأسي , والخطوب ُ تُشيب ُ لعمري لئن كانت أصابت مصيبة **أخي والمنايا للرجال شعوب ُ .. لقد كان أما حلمه فمروح ٌ **علينـــا , وأما جهله فعزيب ُ!! حليم ٌ إذا ما سورة الجهل أطلقت **حبا الشيب للنفس اللجوج غلوب ُ صفات لا محسوسة يبرع الشاعر في تحويلها لكائن حي متحرك.. مرئي ومسموع .. خـِلالٌ تستعصي على القياس والتحديد , لكن الرحيل يؤطّــرها , والغياب يسطِّرها .. وهذا لا يتحقق إلا لمثل أبي المغوار كما يراه أخوه : خيره مقيم ٌ بين مضارب الأرواح , وفضله ضارب ٌ بجذوره في أعماق الأعماق .. شره بعيد "عزيب ُ!" عاقل يغلب النفس "اللجوج " ويتحكم بسورة الطيش وهوى النفس .. لأنه أخي .... وما أدراك من وما أخي ؟!!! أخي ! ما أخي ؟!! لا فاحش ٌ عند بيته ** ولا ورع ٌ عند اللقاء هيوب ُ هو العسل الماذي ّ حلما ونائلا ** وليث ٌ إذا يلقى العدو َّ غضوب ُ أخو شتوات ٍ يعلم القوم أنه ** سيكثر ما في قدره ويطيب ُ حبيب ٌ إلى الزوار غشيان بيته ** جميل المحيا , شب َّ وهو أديب ُ هوت أمــُّه ما يبعث ُ الصبح غاديا !!** وماذا يؤدي الليل حين يؤوبُ هوت عرســُه ماذا تضمــَّن قبرُه ُ **من المجد والمعروف حين يثيب ُ إنه (مهيب الحضور مجيب النداء) , هو( العسل, الليث) , (الشاب ,الأديب ),( العفيف , المقدام ) (الحبيب , الجميل ) ( رائع الإصباح , بديع الإمساء ) مثله لا بد أن أمه "تهوى " أدق ّ ما يحضره لها صباحا , وتعشق أرَق ّ َ ما يقوله لها مساء !..."تهوى " كل ما يمت ّ له بصلة ! والهوى يختلف عن الحب أنه قوة مسيطرة لا ترتبط بوقت , لا يبدؤها مسبب ولا ينهيها زوال سبب .. هذا أبو المغوار عند أهله وخاصته .. فكيف كان عند "الرجال " تأملوا هيبة الحضور والحضور حتى في الغيبة : إذا ما تراءته الرجال تحفظوا ** فلم تنطق العوراء وهو قريب ُ فتى لا يبالي أن يكون بجسمه **-إذا نال خلاَّت الكرام ِ- شحوب ُ حليف الندى , يدعو الندى فيجيبه **قريبا ويدعوه الندى فيجيب ُ فتى أريحي ٌ , كان يهتز ّ للندى ** كما اهتز من ماء الحديد قضيب ُ كعالية الرمح الرديني لم يكن ** إذا ابتدر الخير الرجال يخيب ُ ! مفيدٌ , ملقي الفائدات, معاود **لفعل الندى والمكرمات كسوب ُ ترى عرصات الحي تمسي كأنها ** إذا غاب !!!! لم يحلــُل ْ بهن عريب ُ يترنــَّح المعنى الملتاع , وتتأرجح ُ الفكرة ُ الثكلى .. فمن أقصى الشجاعة لأبهى الكرم , من أعلى الهيبة لأغلى العطاء ,, يذهب الشاعر ويعود لذات الأفكار , ويدور في نفس الدائرة .. لكن لا بأس , لا تثريب عليه ؛ "فما انسدَّت الدنيا عليه لضيقها !!" ليته يعود ! ليت الموت خطفه رهينة ! ثم طلب ما يشاء فدية له !إذن لافتداه : بم َ ؟ بالمال ؟ بكل ما لا تمله النفوس ؟ بالعينين ؟ باليدين "كلا لأنه أكرم من أن يذكر اليسرى معه فلن يفتديه إلا بما يشبهه : اليد اليمنى .. كما كان الراحل دوما "يدا يمنى " ! فلو كان ميتا يُفتدى لافتديتــُه ُ** بما لم تكن عنه النفوس تطيب ُ بعيني .. أو يمنى يدي َّ !! وقيل لي ** هو الغانم الجذلان حين يؤوب ُ ولا أقسى من مواقف الفقد إلا مواقف ارتبطت بشموخ الفقيد فكانت من اختصاصه , حين يُعرف بها ويناديه من يحتاجه فيها فلا يرد .. أيها الباحث عنه : ارفع صوتك رجاء ً " لعل أبا المغوار منك قريب ُ "! وداع ٍ دعا هل من يجيب إلى الندى ** فلم يستجبــْه ُ عند ذاك مجيب ُ !! فقلت ادفع بأخرى وارفع الصوت دعوة ** لعل َّ أبا المغوار منك قريب ُ ! يجبــْك , كما قد كان يفعل إنه ** أمثالــها رحب الذراع ِ أريب ُ أتاك سريعا واستجاب إلى الندا ** كذلك قبل اليوم كان يجيب ُ ! يعود مترنحا باللوعة للكرم والشجاعة , لا تترك له الذكرى فسحة ً من نسيان , ولا سبيلا من سلوى .. فكل ما بقي بعده : (قلــــيــــل ) .. انتهت منه الدنيا وتجهزت لتخطف آخر , فما أحمق من يؤمل كثيرا في دار فناء ٍدنيــّة .. يبيت الندى يا أم عمرو ٍ ضجيعــُه ** إذا لم يكن في المنقيات حلوب ُ فعشنا بخير ٍ حقبة ثم جلحت ** علينا , التي كل الرجال تصيب ُ !! فأبقت قليـــــــــــلا فانيا وتجهــَّزت ** لآخر والراجي الحياة كذوب ُ وأعلم أن الباقي الحي منهما ** إلى أجل ٍ أقصى مداه ُ قريب ُ من يبكيك أبا المغوار .. بل السؤال الأحرى والأكثر حرارة من الذي لا يبكبك ؟ ليبكــِك َ شيخ ٌ لم يجد من يعينه ** وطاوي الحشا نائي المزار غريب ُ كأن َّ أبا المغوار لم يوف مرقبا ** إذا ربأ القوم الغزاة رقيب ُ ما تركت له صعقة موت أبي المغوار إلا حريق الأسئلة , واشتعال الإجابات ..فكان الحد الفاصل بين الحياة قبله والحياة بعده ..فالراحل يبدو باسقا في ذاكرته بلا خطايا بلا عيوب ,- وكثيرا ما نرى الراحلين أجمل .. ونسمع أصواتهم أندى وأعذب- .. تمتليء ببهاء صورته السماء , ويتضمخ بعطر ذكراه المساء,, فيتواصل الليل بالنهار , وتلتحم الصورة بالذكرى .. ويمتد المساء ليشمل جوانب الحياة كلها .. كل ما بعده " ليل " انهار النهار بغروب أبي المغوار .. ويستمر الغيث الباكي بالهطول ..فيرتفع منسوب الصدق .. و يفيض,, ليغمر َ قلوبا منكوبة , ويعمرَ صدورا مسلوبة : وإني لباكيــه , وإني لصادق ٌ ** عليه وبعض القائلين كذوب ُ لعمر كما أن البعيد الذي مضى ** وإن الذي يأتي غدا لقريب ُ !! ألا هل أتى أهل المقانب أنه ** أقام وعرّى الناجيات ِ شبيب ُ فتى الحرب إن حاربت كان سمامها ** وفي السفر مفضال اليدين وهوب ُ إذا ذرَّ قرن ُ الشمس عللــْت ُ بالأسى !** ويأوي إلي َّ الحزن ! حين تغيب ُ !! . . . . . . وفي الختام : لم َ تأثر بهذه الدامعة كثير من الشعراء ؟! " تتضح عند أبي العتاهية : إذا ما خلوت الدهر " لا لصورة مبتكرة ولا لمعنى نادر .. بل تفردت ولا شك : لحريق الفقد الموغل في حنايا الضلوع .. الذي لا تطفئه شلالاتُ الحزن المتدفق في دموع .. لفائض الصدق .. وفارض الحُــب ّ .. تأثروا ؛ لــِكــَم ِّ المؤكدات اللغوية, واللا لغوية .. (وإنِّي لـَبـَاكـِيهِ وإنِّي لـَصادقٌ ) رحم الله موتانا وموتى المسلمين .. ومتـَّعــَنـَا وإياهم بلذة النظر إلى وجهه الكريم.. والحمد لله رب العالمين .. |
01-15-2012 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: من أروع قصائد الرثاء (كعب الغنوي يرثي أخاه أبا المغوار)
|
|
|