فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
- منتدى السـيرة النبويه ~•هناكل ما يختص بالسيرةالعطره والخلفاء الراشدين وكُل ما يتعلق بالأنبيآء عليهم السلآم والصحابه والصحابيات رضوان الله عليهم. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||
التفاؤل كما في هدي الرسول وسيرته صلى الله عليه وسلم
التفاؤل كما في هدي الرسول وسيرته صلى الله عليه وسلم
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفُسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الإخوة المؤمنون، إنَّ في هدْي نبيِّنا محمد عليه الصلاة والسلام الفلاحَ كل الفلاح، والخيرَ كل الخير، والحياة الطيِّبة بمعناها الحقيقي الذي دَلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة، محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم رمزُ الكمال الإنساني، محمدٌ عليه الصلاة والسلام هو الأسْوة، الذي أُمِرْنا أن نقتديَ به، بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام، وقد قال ربُّنا عز مِن قائل: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. ولن يَسعد أحدٌ من الناس بشيء مِن المناهج والأساليب وطُرق الحياة، كمثْل سعادته في اقتفاء آثار هذا النبي الكريم، صلوات ربي عليه وسلامه أبدًا دائمًا إلى يوم الدِّين. ومن جملة ما يحتاج إليه الإنسانُ في هذه الحياة خُلقٌ كريم، ومنهجٌ أصيل، يَنبُع مِن تصوُّرٍ ذهني ينبغي أن يكون حاضرًا في نفْس الإنسان، ذلكم المنهج هو خُلق التفاؤل. فهذا الخُلق والمنهج الأصيل واضحٌ في هدْي نبينا محمدٍ عليه الصلاة والسلام، وفي هذا يقول أنسُ بن مالك رضي الله عنه: لا عَدْوَى ولا طيرة، ويُعجبني الفأل الصالح الكلمة الحسَنة. متفق عليه. يُعجبني الفأل الصالح، فالمؤمنُ ينبغي أن يكون على هذا المنهج؛ أن يكون متفائلًا، ومنطلَق التفاؤلِ هو الكلمة الحسَنة، التي يَبني عليها الإنسانُ ما يكُون في المستقبل، حسْنَ ظنٍّ بربه سبحانه وتعالى وتقدَّس، وعلمًا منه؛ مِن هذا الإنسان أنه لا يكون في هذا الكون إلا ما أراده الله وقدَّره، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، كما قال عليه الصلاة والسلام. وهذا الخُلق يحتاجه الإنسان أيَّما احتياج؛ ذلك أن انطلاق الإنسان وتوجُّهَه نحو الأمور يحتاج إلى نفسية مطمئنَّة مستقرة، فإذا كانت هذه النفسية لدى الإنسان مضطربةً قلقلة فإنه لا يُنجز ولا يؤدِّي ما يجب عليه، بل إنه يعيش النكد والضيق بكل صوَره. ولذلك نجد كثيرًا من الناس حينما تضيق بهم الأمور، ولا يلجؤون إلى هذا المنهج النبوي العظيم، فإنه تتكالب عليهم الهموم، وتزداد عليهم المشاكل؛ لأنهم مِن عثرة إلى عثرة، ومن مشكلة إلى مشكلة، ومن قعود إلى قعود، وهل الإنسانُ إلا مجموعة مِن المشاعر التي تَبعثه على الإنجاز وعلى فعل ما ينبغي فعله؟ فإذا أصيب الإنسان بضد التفاؤل، من القنوط واليأس والإحباط، أدَّى به ذلك إلى أن يَقعد عما يجب عليه فعله، وأن يَعيش في ظلمات الضيق والنكد وسيِّئ ما يمكن أن يُقال في هذا المجال. ولذلك كان النبي عليه الصلاة والسلام يؤكِّد هذا المنهج لأصحابه حتى يترسَّموه. التفاؤل هذه الصفة النبيلة والخُلق الحميد، الذي كان نبينا عليه الصلاة والسلام يتمثَّله أمام أصحابه واقعًا معاشًا، ولذا كان عليه الصلاة والسلام يحضُر معه التفاؤل في أموره وأحواله كلها، في حِلِّه وترحاله، في حربه وسِلمه، في جوعه وعطشه، ولذلك نجد أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام يحضُر عنده هذا الخُلق في أشدِّ الأحوال وأصعب الظروف، فإذا به يُبشِّر أصحابه بالخير الذي أمامهم، وهذا كله منطلق من حسْن الظنِّ بربنا تعالى وتقدس. وقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخبرٍ عظيم، وشأن جليل عَضُّوا عليه بالنواجذ أيها الإخوة المؤمنون، واستحضروه دومًا، وبخاصة إذا شعرتم بشيء من الضيق، أو بشيء مما يكُون من كربات هذه الحياة، استحضِروا هذه القاعدة العظيمة، التي أخبرنا بها هذا النبي الكريم عن ربنا تعالى وتقدَّس؛ أنه يقول سبحانه: ((أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)). فالله سبحانه عند ظن عبده، فمَن ظن في الله الخير كان الله له على الخير، ومَن ظن بالله شرًّا وسوءًا كان على مثل ما ظن هذا الإنسان. ولذلك نجد نبيَّنا عليه الصلاة والسلام يستحضِر هذه الصفة في أحوال عسيرة، ومضائق شديدة، ها هو عليه الصلاة والسلام وهو خارج من مكة المكرمة، مطاردًا من أهلها، إبَّان هجرته عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة، وقد أرصدَت قريشٌ رجالاتها وفرسانها، وجعلَت الجُعل الكبير والجوائز الثمينة لمَن يُحضر محمدًا سيد الخَلق صلى الله عليه وآله وسلم، حتى كاد أن يظفر به سراقة بن مالك الفارس الذي أدرك نبينا عليه الصلاة والسلام ووصل إليه، فإذا بسراقة يشاهد ما لم يخطر على باله؛ حيث تتعثر به فرسه، ويقف أمام هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وإذا به يسمع شيئًا عجبًا هذا الرجل الذي يخرج مطارَدًا يقول له عليه الصلاة والسلام: ((كيف بك يا سراقة إذا سوِّرت بسوارَي كسرى))، يقول: سيأتي الزمان الذي تُفتح فيه المدائن، تفتح بلاد فارس، وهذه الأسورة التي اشتهرت بنفاستها، وهي لكسرى ملِك الفرس، أنك ستكون بيديك أنتَ يا سراقة، وهذا مِن الغيب الذي أوحاه الله تعالى إلى نبيه عليه الصلاة والسلام. ويا للعجب الذي يحضُر كل الحضور أمام هذا الفارس سراقة الذي أسلم بعد ذلك رضي الله عنه، حينما يشاهِد هذا الرجل وهو يُطارَد، وقد مبلغ به الخوف مبلغه، ومع ذلك يبشره ويخبره أنه سينال أمرًا هو في حقيقة الأمر بالمقاييس البشرية من المستحيلات، لكن هكذا هو قدر الله، وهذه إرادته وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير. نعم إنه التفاؤل الذي يُغيِّر منهجَ الإنسان، ويجعله يعيش حياة مستقرة مطمئنة؛ لأنه متوكل على الله ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه ﴾ [الطلاق: 3]، وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. وفي محطة أخرى، وموضع آخر يسجِّله القرآن العظيم في فأل هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وفي الطريق نفسه؛ طريق الهجرة، لما خرج عليه الصلاة والسلام مع صاحبه أبي بكر رضي الله عنه، وحينما آواهما الغار، وذلك عند اختفائهما عن أنظار قريش وعيونها ورجالاتها الذين بعثوا لطلب هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وإذا بأبي بكر رضي الله عنه وهو في الغار يرفع نظره إلى مَن فوقه، وقد وقف بعضُ الرجال من قريش الذين يُطاردوهما، فيقول: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى موضع قدميه لأبصرنا، فيقول عليه الصلاة والسلام مقولة الواثق المطمئن الذي أحسن ظنه بربه: ((يا أبابكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟)) ماذا ستظن باثنين ضعيفين من عباد الله، لكن الله تعالى ثالثهما بالنصرة والتأييد وبما يُريده سبحانه وتعالى، ويسجِّل القرآن هذه اللحظات لتبقى نبراسًا للناس إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، الله أكبر، ما هذا الفأل العظيم؟! وما هذه الثقة التي لا تكون إلا بحسَب الإيمان، والناس يَتفاوتون في بُلوغهم لهذا المبلغ العظيم، والقدْر الكبير في حُسن الظن بالله والفأل الذي يحملهم على الطمأنينة، فهم يعلمون أنه لا يكون في هذا الكون إلا ما قدَّره الله جل وعلا. وها هو عليه الصلاة والسلام يُعيد هذا الفأل بين أيدي أصحابه، في كل لحظة يكون عندهم شيء من النقص في هذا الجانب العظيم، والفألُ يتناقص عند الناس عادةً في الأحوال الحرجة وعند ضوائق الأمور، فها هو عليه الصلاة والسلام يقرِّر هذه العبادةَ العظيمة، وهذا المنهجَ الأصيل؛ الفأل وحُسن الظن بالله، حينما يقرِّر ذلك في بدر والمواجهة مع المشركين، فإذا به عليه الصلاة والسلام يؤكِّد النصرَ قبل المواجهة، ومن وحي الله له أنه يخبرهم عن مصارع المشركين قبل المواجهة فيقول: هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان، مكان مصرعه يحدِّده في المكان وبالاسم، وهذا من وحي الله لهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما كان من فأله عليه الصلاة والسلام لمَّا بلغ الخوف مبلغه من الصحابة رضي الله عنهم إبَّان غزوة الخندق، والتي وَصف الله فيها الخوفَ الذي بلغ بالناس ﴿ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِر ﴾ [الأحزاب: 10]، لِشِدَّة الخوف كأنما القلب يخرج من مكانه حتى يصل إلى حنجرة الإنسان، فإذا بهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام وهو يساعدهم في الحفر فيُبشِّرهم في لحظاتها بما سيكون مما أوحاه الله إليه من الفتوحات التي ستكون لمدائن كسرى وقيصر، وغيرِ ذلك مما يكون من سيادة المسلمين، ونشْر دين الله تعالى في أرجاء الأرض. وهكذا ما كان يطبِّقه عليه الصلاة والسلام من الفأل لدى تعامُله في الأمور الحياتية اليومية، فتجده عليه الصلاة والسلام إذا زار المريض يقول: ((لا بأس طهور إن شاء الله)) حتى يفتح أبواب الأمل لهذا المريض بما سيكون له من الشفاء بأمر الله تعالى وتيسيره. وبعد أيها الإخوة المؤمنون؛ فالفأل ينبغي أن يكون حاضرًا عند الإنسان، وكثيرٌ من الناس إنما تكون عليه المضائق، وتشتد عليه الأحوال؛ لأنه أساء الظن بربه، والله سبحانه إذا أساء به عبدٌ الظنَّ كان الله له على مثْل ما ظن، ولو أن الإنسان صدق مع الله في حسْن ظنه به؛ لوجد خيرًا كثيرًا. أيها الإخوة، من أصدق من الله حديثًا؟ مَن أصدق من الله قيلًا؟ هذا خَبَرُه سبحانه كما في الحديث القدسي الصحيح: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي)) فوالله، ثم والله، وبالله ما أحسَن أحد الظن بالله إلا وجد خيرًا كثيرًا، ولكن الإنسان تطغى عليه المشاعر الحسية الإنسانية المقيَّدة بقدراته العقلية، ويتناسى وعد الله، فيوكل حينئذٍ إلى قدرته وإلى ذاته وإلى جهده، لكن الإنسان الذي يعمل بالأسباب، ويفوِّض إلى مسبِّب الأسباب سيجد خيرًا كثيرًا؛ لحسن ظنه بالله جل وعلا، وهذا أمر مشاهَد في القديم والحديث، وما زال عباد الله الأخيار الذين أحسنوا بالله الظن يجدون الخير الكثير، بينما الذين يُسيئون بالله الظن لن يجدوا إلا الشر والضر؛ لأن الشيطان سيطر عليهم، ولذلك ندَّد اللهُ تعالى بمن هذه حاله فقال سبحانه: ﴿ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ﴾ [الفتح: 6] هؤلاء المنافقون، أو مَن ضعُف إيمانهم، وقلَّ فقهُهم يُسيئون بالله جل وعلا الظن. وهؤلاء وأمثالهم يُوكَلون إلى هذه الظنون السيئة. فحريٌّ بنا أيها الإخوة المؤمنون أن نربِّي أنفسَنا ومَن حولَنا على هذه المشاعر السامية، والأخلاق الفاضلة، التي هي حقيقةً تُترجِم عقيدةً صحيحة في الله سبحانه وتعالى، وهي أيضًا خُلق كريم ينبغي أن يلتزمه الإنسان ويترسَّمه، وبخاصة حينما تشتد عليه الأحوال، وتضيق عليه الأمور. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين مِن كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
10-13-2020 | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: التفاؤل كما في هدي الرسول وسيرته صلى الله عليه وسلم
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|