فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
قسم القرآن وعلومه هنا كل مايخص القرآن الكريم وعلومه و تفسيره وتجويده وقصصه. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||
من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (2)
من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (2)
د. نبيه فرج الحصري من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (2) يقول عز وجل في مستهلِّ سورة الرحمن بعد أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 1، 2]. الآية الأولى ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ حيث جعل الله عز وجل واحدًا من أسمائه الحسنى هو الآية والكلمة الأولى في السورة الكريمة، والقارئ المتدبر للقرآن هنا يدرك ببساطة أنه هنا في استقبال الرحمة من واهبها عز وجل في أجمل صورها، وعليه أن يستعد تمامًا لاستقبال تلك الرحمة التي وفَّقه الله عز وجل لكي يصطف مع المصطفين لاستقبالها، حيث يقول عز وجل في الآية 82 من سورة الإسراء ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82] صدق الله العظيم. في إشارة منه سبحانه وتعالى إلى أن هذا القرآن منزل من عنده، وبه الشفاء والرحمة للمؤمنين، فتعرض المسلم لآيات الشفاء تكون سببًا في شفائه بإذن الله، وكذا تعرُّضه لآيات الرحمة تكون سببًا في تنزُّل الرحمات عليه من عند ربه وخالقه، وليس الأمر مطلقًا، بمعنى أن تعرض المؤمن لآيات العذاب هل يكون سببًا في عذابه؟ لا، فإيمانه وتدبُّره للقرآن يعصمه من ذلك، وإنما يعذب بها الكافر حين يستمع إلى القرآن ولا يتدبَّر ولا يتَّعِظ والله أعلم. فالسورة الكريمة هنا تبدأ بأمر عظيم تغمر به القارئ والمستمع؛ ألا وهو الرحمة من الرحمن عز وجل، ولكن لماذا اختار المولى عز وجل اسمه الرحمن لتتصدر وتتزيَّن به السورة الكريمة التي تدلف بنا مباشرة إلى العلم والتعلم في الآية الثانية من السورة المباركة، فهل من رابط بين رحمة الرحمن والعلم، وبصفة خاصة علم القرآن؟ يبدو ذلك بجلاء في الآية الثانية ﴿ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾، أليس هناك مغزى وعبرة من أن تسبق آية ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ هذه الآية ﴿ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾؟ كلَّا وألف كلا؛ بل هناك العديد من العبر، فهذا القرآن يتصف بأنه قد أحكمت آياته كما بين عز وجل في قوله: ﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ﴾ [هود: 1]. لماذا الرحمن دون غيره من أسماء الله الحسنى يقترن بتعليم القرآن؟ وهل المقصود بذلك هو القرآن الكريم كتاب الله المقدَّس والمنزَّل على قلب رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم والمشتمل على رسالة التوحيد، أم المقصود علم القراءة والبيان؛ حيث يقول عز وجل في الآيتين التاليتين مباشرة ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 3، 4]. فهل المقصود من آية ﴿ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ هو علم البيان - أي بيان معاني الكلمات المقروءة - أو فهم مدلولات وأسماء الأشياء التي علمها الله عز وجل لآدم عليه السلام بعد خلقه؟ وكما ورد في الآية 31 من سورة البقرة في قوله تعالى: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 31] أم أن المقصود من الآية الكريمة من سورة البقرة هو تعليم المولى عز وجل القرآن عامة لرسوله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي، ومما آتاه الله إياه أو قذفه في قلبه الشريف في غضون رحلة الإسراء والمعراج المباركة؟ أيًّا كان الحال فقد قرن الله عز وجل التعليم بالرحمة من جانب المعلم، وهو جل في علاه هنا في حالتنا هذه هو المعلم، وغيره هو المتعلِّم، واللفظ القرآني بليغ؛ بل إنه معجز بطبيعة الحال، فإنه لم يقل: (الرحيم عَلَّم القرآن) لماذا؟ لأن الرحيم هو مستخدم الرحمة في موقف محدد يبدأ وينتهي؛ ولذا يقال عن بعض البشر بأنه رحيم، ولكن لا يقال عنه أبدًا بأنه رحمن؛ لأن اسم الرحمن لا ينسب إلا لله عز وجل؛ لأن اللفظ الكريم يطلق على واهب الرحمة ومعطيها باستمرار وبلا حدود وليس مستخدمها في موقف محدد بزمان ومكان وظروف. الرحمة المرتبطة باسمه الكريم الرحمن متعدية للموقف والزمان والمكان والقدرة البشرية كذلك، ولقد قدم الله عز وجل اسم الرحمن على الرحيم في البسملة التي ذهب أكثر الفقهاء إلى مشروعيتها واستحبابها عند الأمور المهمة؛ حيث يقول صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ كَلَامٍ أَوْ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَحُ بِذِكْرِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ - أَوْ قَالَ: أَقْطَعُ))، وتقديم اسم الرحمن على الرحيم هنا يدلل على عظم الرحمة في الاسم الأول عن الثاني، وكلاهما من أسمائه الحسنى عز وجل. وكما تمت الإشارة فيما سبق إلى أن الرحمانية ربانية فقط، أما الرحيمية فقد تكون ربانية أو بشرية، وتكون بحساب غير متعدية للموقف المرتبطة به، وهذا يناسب الحياة البشرية التي نعيش فيها، فلا يمكن أن تكون الرحمة فيها مطلقة غير مقيدة؛ لأن ذلك يفسد الحياة؛ لأنه يوجد من المواقف ما يستلزم فيه الشدة؛ لارتباط ذلك بالمصلحة الجماعية للأمة أو المجتمع، مما يشكل دافعًا للتخلي عن مبدأ الرحمة، وإن كان هذا التخلي ظاهريًّا فقط وليس جوهريًّا؛ كقتل القاتل، ورجم الزاني، وقطع يد السارق، وجلد شارب الخمر، فكلها أمور ظاهرها العذاب وباطنها الرحمة، والله أعلم. ويتضح ذلك جليًّا في قوله عز وجل: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]، والحياة؛ أي: المصلحة الحياتية الدنيوية للمجتمع الإسلامي، فلو طبَّقنا هنا مبدأ الرحمة المطلقة المتعدية المشتقة من اسم الرحمن؛ لفسد المجتمع، وفسدت الحياة بسبب عدم الأخذ على أيدي المجرمين ومرتكبي الكبائر. فرحمته عز وجل في الآخرة غير رحمته في الدنيا؛ لأنه أنزل في الدنيا من الرحمة ما ينصلح به أمر الدنيا فقط؛ كالملح الذي ينصلح به الطعام، فلو زاد الملح لأفسد الطعام، ويقول صلى الله عليه وسلم في ذلك: ((جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء يتراحَم الخلائق)).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-21-2024 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (2)
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|