فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
قسم القرآن وعلومه هنا كل مايخص القرآن الكريم وعلومه و تفسيره وتجويده وقصصه. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||
تفسير سورة البروج
تفسير سورة البروج
تفسير سورة البروج يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف سُورَةُ الْبُرُوجِ سُورَةُ (الْبُرُوجِ): مَكِّيَّةٌ بِالإِجْمَاعِ[1]، وَآيُهَا ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ آيَةً[2]. أَسْمَاءُ السُّورَةِ: وَقَدْ ذُكِرَ مِنْ أَسْمائِهَا: سُورَةُ (السَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ)، وَسُورَةُ (الْبُرُوجِ)[3]. الْمَقَاصِدُ الْعَامَّةُ مِنَ السُّورَةِ: اشْتَمَلَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى الْكَثيرِ مِنَ الْمَقاصِدِ وَالمَعَانِي الْعَظيمَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ[4]: • الْقَسَمُ عَلَى أَصْحابِ الْأخْدُودِ. • تَسْلِيَةُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ عَنْ إِيْذَاءِ الْكُفَّارِ لَهُمْ بهَلَاكِ فِرْعَونَ وَثَمُودَ. • إِشْعَارُ الْمُسْلِمينَ بِأَنَّ قُوَّةَ اللهِ عَظِيمَةٌ، وَبِكَرامَتِهُمْ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى. • التَّنْويهُ بِشَأْنِ الْقُرْآنِ وَمَنْزِلَتِهِ الْعَظِيمَةِ. شَرْحُ الْآيَاتِ: قَوْلُهُ: ﴿ وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوج ﴾، وَهِيَ: النُّجُومُ الْعِظَامُ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا ﴾[سورة الفرقان:61][5] ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهَا: مَنَازِلُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ[6]. قَوْلُهُ: ﴿ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُود ﴾، أَيْ: يَوْمِ الْقِيامَةِ[7]. قَوْلُهُ: ﴿ وَشَاهِدٍ ﴾، أَيْ: يَوْمِ الْجُمْعَةِ، ﴿ وَمَشْهُود ﴾، أَيْ: يَوْمِ عَرَفَةَ الَّذِي يَشْهَدُهُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ في الْحَجِّ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرين[8]. قَوْلُهُ: ﴿ قُتِلَ ﴾، أَيْ: لُعِنَ[9]، ﴿ أَصْحَابُ الأُخْدُود ﴾، أَيْ: الَّذِينَ شَقُّوا فِي الأَرْضِ شَقًّا عَظِيمًا[10]، لِإِحْرَاقِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُود ﴾ [سورة البروج:4]: جَوابُ القَسَمِ عَلَى تَقْدِيرِ: لَقَدْ قُتِلَ، وهَذا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرينَ[11]. وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لَا يَكُونُ جَوَابًا لِلْقَسَمِ، وَقالَ: "وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا القَسَمُ مُسْتَغْنيًا عَنِ الْجَوابِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّنْبيهُ عَلَى الْمُقْسَمِ بِهِ، وَأَنَّهُ مِنْ آيَاتِ الرَّبِّ الْعَظِيمَةِ"[12]. قَوْلُهُ: ﴿ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُود ﴾، أَيْ: قُتِلَ وَلُعِنَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ الَّذِينَ أَشْعَلُوا فيهَا النِّيرَانَ ذَاتِ اللَّهَبِ الشَّدِيدِ مِنَ الْحَطَبِ الْكَثِيرِ الْمُتَأَجِّجِ نَارًا؛ لِيُلْقُوا الْمُؤْمِنينَ فِيهَا[13]. و(النار): بدل من الأخدود، بدلاشتمال[14]. قَوْلُهُ: ﴿ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُود ﴾، أَيْ: هُمْ عَلَى حَافَّةِ النَّارِ قَاعِدُونَ[15]. قَوْلُهُ: ﴿ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود ﴾، أَيْ: والكُفَّارُ حُضُورٌ يُشَاهِدُونَ تَعْذِيبَ الْمُؤمِنينَ[16]. قَوْلُهُ: ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ ﴾، أَيْ: وَمَا أَنْكَرُوا مِنْهُمْ وَلَا عَابُوا عَلَيْهِمْ[17]، ﴿ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ ﴾، أَيْ: الشَّدِيدِ في انْتِقامِهِ مِنَ الْكَافِرِينَ[18]، الْقَادِرِ عَلَى نُصْرَةِ الْمُؤمِنينَ، ﴿ الْحَمِيد ﴾، أَيْ: الْمَحْمُودِ في كُلِّ شَيْءٍ[19]. قَوْلُهُ: ﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾، أَيْ: خَلْقًا وَعَبِيدًا يَتَصَرَّفُ فيهِمْ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بِمُلْكِهِ[20]، ﴿ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ﴾، أَيْ: فَكَيْفَ يُعابُ عَلَى الْمُؤْمِنِ إِيمَانُهُ بِاللهِ الَّذي لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى، وَمَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ -أَعْنِي: كَوْنَهُ عَزِيزًا غَالِبًا قَادِرًا، يُخْشَى عِقَابُهُ، ويُرْجَى نَصْرُهُ، حَمِيدًا مُنْعِمًا- كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقّ لِلْإيمانِ بِهِ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ. قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾، أَيْ: بِالتَّعْذِيبِ وَالْإِحْرَاقِ عَلَى أَنْ يَرْجِعُوا عَنْ دينِهِمْ[21]، ﴿ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ﴾، أَيْ: إِلى اللهِ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ الْعَظِيمِ، قَالَ الْحَسْنُ الْبَصْرِيُّ: اُنْظُرُوا إِلَى هَذَا الْكَرَمِ وَالجُودِ، هُمْ قَتَلُوا أَوْلِياءَهُ وَأَهْلَ طاعَتِهِ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْبَةِ وَالْمَغْفِرَةِ[22]. قَوْلُهُ: ﴿ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ﴾، أَيْ: بِكُفْرِهِمْ[23]، ﴿ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيق ﴾، أَيْ: لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ مُحْرِقٌ[24]؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَزاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ﴾ [سورة النساء:123]. قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِير ﴾، أَيْ: حَقًّا هُوَ فَوْزٌ كَبيرٌ لَا فَوْزَ مِثْلُهُ[25]؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَكْرَمَهُمْ بِالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ وَدُخولِ الْجَنَّةِ، وَهَذِهِ -وَاللهِ- غَايَةُ مَا يَطْلُبُ الْمُؤْمِنُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُور ﴾ [سورة آل عمران:185]. قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد ﴾، الْبَطْشُ: هُوَ الْأَخْذُ بِعُنْفٍ[26]، والمعنى: إن أخذَ رَبِّكَ بِالْكُفَّارِمُضاعَفٌ عُنْفُهُ، فَإنَّ البَطْشَ أَخْذٌ بِعُنْفٍ[27]، وَإِذا وُصِفَ بِالشِّدَّةِ فَقَدْ تَضَاعَفَ[28]، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِيْ لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد ﴾ [سورة هود:102]»[29]. قَوْلُهُ: ﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيد ﴾، أَيْ: إِنَّ اللهَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِيْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ مِنَ الْعَدَمِ، ثُمَّ يُعيدُهُ حَيًّا بَعْدَ الْمَوْتِ[30]، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم ﴾ [سورة الروم:27]. قَوْلُهُ: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ ﴾، أَيْ: لِمَن تَابَ، ﴿ الْوَدُود ﴾، أَيْ: الْمُحِبُّ لِمَنْ أَطَاعَهُ[31]، كَمَا في الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ»[32]. قَوْلُهُ: ﴿ ذُو الْعَرْشِ ﴾، أَيْ: صَاحِبُ الْعَرْشِ[33]، وَإِضافَةُ الْعَرْشِ إِلى نَفسِهِ: يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ الْعَرْشِ وَقُرْبِهِ مِنْهُ[34]، وَلَا يَعْلَمُ عَظَمَتَهُ إلَّا هُوَ وَمَنْ يُطْلِعُهُ عَلَيْهِ[35]، ﴿ الْمَجِيد ﴾: بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ للهِعز وجل، وَقُرِئَ بِالجرِّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلعَرْشِ، كَمَا هِيَ قِراءَةُ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ[36]. قَوْلُهُ: ﴿ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد ﴾، أَيْ: لِمَا يَشَاءُ، فَلا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ يُريدُهُ[37]، فَمَهْمَا أَرادَ شَيْئًا فَعَلَهُ سُبْحانَهُ وَبِحَمْدِهِ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ خَلْقُهُ وَالْأَمْرَ أَمْرُهُ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ﴾ [سورة الأعراف:54]، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُون ﴾ [سورة النحل:40]. قَوْلُهُ: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُود ﴾، أَيْ: هَلْ جَاءَكَ يَا مُحَمَّدُ خَبَرُ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِرُسُلِهِمْ، وَكَيْفَ أَهْلَكَهُمُ اللهُ تَعَالَى[38]؟ وَالْجَوَابُ: قَدْ أَتَاكَ ذَلِكَ وَعَلِمْتَهُ، فَاصْبِرْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا أَصَابَكَ مِنْ أَذَى قَوْمِكَ الْمُكَذِّبِينَ لَكَ[39]، كَما صَبَرَ الرُّسُلُ مِنْ قَبْلِكَ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ: ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُون ﴾ [سورة الأحقاف:35]. قَوْلُهُ:﴿ فِرْعَوْنَ وَثَمُود ﴾، هُنَا: بَيَّنَ الْمُرَادَ بالجُنُوْدِ بأنهم: (فِرْعَوْنُ وَثَمُوْد)؛ فأَبْدَلَهُما مِنَ الجُنُودِ؛ لِأنَّ الْمُرادَ بِـ (فِرْعَوْنَ): هُوَ وَقَوْمُهُ، وَالْمُرادَ بِثَمُودَ: قَوْمُ صَالِحٍعليه السلام[40]، وَخَصَّ اللهُ تَعَالَى فِرْعَونَ وَثَمودَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْ غَيْرِهِمْ كُفْرًا وَتَكْذِيْبًا، وَلِأَنَّ قِصَّتَهُمْ أَيْضًا مَعْروفَةٌ لِكُفارِ قُرَيِشٍ. قَوْلُهُ: ﴿ بَلِ ﴾، أَيْ: لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْمُكَ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّ﴿ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيب ﴾، أي: في تكذِيْبٍ دَائِمٍ مُسْتَمِرٍّ كَعَادَةِ مَنْ قَبْلَهُمْ، فَلا تَنْفَعُ فِيهِمُ الْآيَاتُ، وَلا تُجْدِي لَدَيْهِمُ الْعِظَاتُ[41]؛ لِأَنَّ تَكْذيبَهُمْ نَاشِئٌ مِنَ الْكِبْرِ وَالْحَسَدِ وَالْعِنَادِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُون * وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيم ﴾[سورة يونس: 96-97]. قَوْلُهُ: ﴿ وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيط ﴾، أَيْ: قَدْ أَحَاطَ بِهِمْ عِلْمًا وَقُدْرَةً، فَهُمْ في قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ سُلْطَانِهِ وَقَهْرِهِ[42]، لَا يَفُوتُونَهُ وَلَا يُعْجِزُونَهُ[43]، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِمْ[44]، كَما قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِين ﴾ [سورة البقرة:19]. قَوْلُهُ: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيد ﴾، أَيْ: وَلَيْسَ الْقُرآنُ كَما زَعَمُوا بِأَنَّهُ شِعْرٌ وَسِحْرٌ لِيَصْرفُوا النَّاسَ عَنْهُ[45]، وَلَكِنَّهُ قُرآنٌ عَظِيمُ الْخَيْرِ وَالنَّفْعِ، وَحِيدٌ في النَّظْمِ وَالْمَعْنى[46]،مَكْتُوبٌ ﴿ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظ ﴾ [سورة البروج:22]،أَيْ: مِنَ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْديلِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون ﴾ [سورة الحجر:9][47] ، وقَرَأَ نافِعٌ (مَحْفُوظٌ) بِالرَّفْعِ صِفَةً لِـ(قُرْآنٌ)[48]. بَعْضُ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَخْلَصَةِ مِنَ الْآيَاتِ: بَيَانُ جَزَاءِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّصْرِ فِي الدُّنْيَا وَالْأَجْرِ فِي الْآخِرَةِ. فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُود * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُود * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُود * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد ﴾[سورة البروج:4-8]: وعْدٌ عَظِيمٌ لِلْمُؤمنينَ، ووَعِيد شَدِيد لِلْكَافِرِينَ، وأنَّ الْعَاقِبَةَ وَالْغَلَبَةَ وَالظَّفَرَ لِلْمُؤْمِنينَ الصَّابِرِينَ مَهْمَا لَاقَوا مِنْ عَذَابٍ وَأَهْوَالٍ، والْهَزيمَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابَ فِي الْآخِرَةِ لِلْكَافِرِينَ الْمُكَذِّبينَ مَهْمَا اشْتَدَّ بَطْشُهُمْ وَظُلْمُهُمْ. تَثْبِيتُ الْمُؤْمِنينَ وَالدُّعَاةِ إِلى اللهِ عز وجل: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد ﴾: دَرْسٌ وَعِظَةٌ وَتَذْكِيْرٌ لِلْمُؤْمِنِيْنَ بِالصَّبْرِ عَلَىْ مَا يُلَاقُوْنَهُ مِنَ الْأَذَىْ وَالْآلَامِ، وَالْمَشَقَّاتِ التِيْ يَتَعَرَّضُوْنَ لَهَا فِيْ كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ؛ لِيَتَأَسَّوا بِصَبْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ وَتَصَلُّبِهِمْ فِيْ الْحَقِّ وَتَمَسُّكِهِمْ بِهِ، وَبَذْلِهِمْ أَنْفُسِهِم مِنْ أَجْلِ إِظْهَارِ دَعْوَةِ اللَّهِ[49]؛ ولذا فَإِنَّ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُضَحِّيَ بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ عَقِيدَتِهِ وَإِيمَانِهِ، وأنَّ عَلَيْهِ الاِعْتِبار بِأَحْوالِ مُؤْمِنِي الْأُمَمِ السَّابِقَةِ وَمَا قَدَّموهُ مِنْ تَضْحِيَاتٍ عَظِيمَةٍ في سَبِيلِ نُصْرَةِ دِينِ اللهِ. قَسْوَةُ قُلُوبِ الْكُفَّارِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود ﴾ [سورة البروج:7]: بَيَانُ عِظَمِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّجَبُّرِ وَقَسَاوَةِ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ -وَالْعِيَاذُ بِاللهِ- جَمَعُوا بَيْنَ الْكُفْرِ بِآيَاتِ اللهِ، وَمُحَارَبَةِ الْمُؤْمِنينَ وَتَعْذِيبِهِمْ بِهَذا الْعَذابِ الشَّدِيدِ، الَّذِي تَنْفَطِرُ مِنْهُ الْقُلوبُ أَلَمًا، وَتَذْرِفُ مِنْهُ الْعُيونُ دَمًا، بِالْإِضَافَةِ إِلى حُضُورِهِمْ إِيَّاهُمْ عِنْدَ إِلْقَائِهِمْ فِيهَا[50]. المُرَادُ بِأَصْحَابِ الْأُخْدُودِ: اِخْتَلَفَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي الْمُرَادِ بِأَصْحَابِ الْأُخْدودِ، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ صُهَيْبٌ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِصلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلامَهُ فَأَعْجَبَهُ، فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بِالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ، فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ! إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ، حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ، أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي، قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ، وَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ، إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَإِنْ أَنْتَ آمَنْتَ بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللَّهِ، فَشَفَاهُ اللَّهُ، فَأَتَى الْمَلِكَ فَجَلَسَ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟ قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ، فَجِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ! قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبَى، فَدَعَا بِالْمِئْشَارِ[51]، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى، فَوَضَعَ الْمِئْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلامِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبَى، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ! اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ[52] فَتَوَسَّطُوا بِهِ الْبَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ! اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ: إِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِاسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ، فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي صُدْغِهِ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، فَأُتِيَ الْمَلِكُ فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ فِي أَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قِيلَ لَهُ: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهْ! اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقّ»[53]. فَتْحُ بَابِ التَّوْبَةِ وَالْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِمَنْ آذَى الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَتُبْ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ﴾ [سورة البروج:10]: الْإِشَارَةُ إِلى أَمْرَينِ مُهِمَّيْنِ، وهما: فَتْحُ بابِ التَّوْبَةِ مِنْ إيذَاءِ الْمُؤمِنينَ، فَلا يَزالُ الْبَابُ مَفْتُوحًا لِلمُذْنِبينَ وَإِنْ عَظُمَتْ ذُنوبُهُمْ. والْوَعِيدُ الشَّدِيدُ عَلَى كُلِّ مَنْ آذَى الْمُؤْمِنِينَ لِيَفْتِنَهم عَنْ دِينِهِمْ، وَيَرُدَّهُمْ عَنْهُ بِأَيِّ أَنْوَاعِ الْفِتْنَةِ وَالتَّعْذِيبِ. شِدَّةُ انْتِقَامِ اللهِ تَعَالَى مِنَ الْكُفَّارِ وَتَأَكُّدُ وُقُوعِهِ بِهِمْ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيد ﴾ [سورة البروج:12]: بَيَانُ شِدَّة بَطْشِ اللهِ تَعَالَى وَعَذَابِهِ لِلْمُكَذِّبينَ بِهِ وَبِرُسُلِهِ، وَالْمُخَالِفِينَ لِأَمِرِهِ، وَالْمُرْتَكِبِينَ لِنَهْيِهِ، وتَأْكِيد جَازِم عَلَى انْتِقامِ اللهِ تَعَالَى لِأَوِلِيائِهِ مِنْ أَعْدائِهِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ، فَاللهُ يُمْهِلُ وَلَا يُهْمِلُ. الدَّلَالَاتُ الْبَلَاغِيَّةُ فِي اقْتِرَانِ اسْمِ اللهِ (الْغَفُورِ) بِاسْمِهِ (الْوَدُودِ): فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيد * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود ﴾: جَانِبانِ بَلاغِيّانِ مُهِمَّانِ: الْأَوَّلُ: الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وُقُوعَ الْوُدِّ مِنْهُ e لِعِبادِهِ الْمُؤْمِنينَ، يَقولُ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: "وَتَأَمَّلْ سِرَّ اقْتِرانِ هَذَيْنِ الاِسْميْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيد * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُود ﴾: تَجِدُ فيهِ مِنَ الرَّدِّ وَالْإِنْكارِ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يَعُودُ الْوُدُّ وَالْمَحَبَّةُ مِنْهُ لِعَبْدِهِ أَبَدًا، ما هُوَ مِنْ كنُوزِ الْقُرْآنِ وَلطائِفِ فَهْمِهِ، وَفي ذَلِكَ مَا يُهَيِّجُ الْقَلْبَ السَّلِيمَ، وَيَأْخُذُ بِمَجامِعِهِ، وَيَجْعَلُهُ عَاكِفًا عَلَى ربِّهِ الَّذي لَا إَلهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا رَبَّ لَهُ سِواهُ، عُكُوفَ الْمُحِبِّ الصَّادِقِ عَلَى مَحْبوبِهِ الَّذي لَا غِنَى لَهُ عَنْهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَلا تَنْدَفِعُ ضَرورَتُهُ بِغَيْرِهِ أَبَدًا"[54]. الثَّانِي: أَنَّ الْمَغْفِرَةَ مِنَ اللهِ لَا تَكونُ إِلَّا لِمَنْ أَحَبَّ مِنْ عِبادِهِ إِنْ أَقْبَلَ تَائِبًا مُتَوَدِّدًا لَهُ. يَقولُ ابْنُ الْقَيِّمِ رحمه الله: "وَمَا أَلْطَفَ اقْتِرانَ اسْمِ اللهِ الْوَدُودِ بِالرَّحيمِ وَبِالْغَفورِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَغْفِرُ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ وَلَا يُحِبُّهُ، وَكَذَلِكَ قَدْ يَرْحَمُ مَنْ لَا يُحِبُّ، وَالرَّبُّ تَعَالَى يَغْفِرُ لِعَبْدِهِ إِذا تابَ إِلَيْهِ، وَيَرْحَمُهُ وَيُحِبُّه مَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ التَّوَّابِيْنَ، وَإِذَا تَابَ إِلَيهِ عَبْدُهُ أَحَبَّهُ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ"[55]. اخْتِلَافُ مَعْنَى (الْمَجِيدِ) لِاخْتِلَافِ الْقِرَاءَةِ، وبَيَانُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كُلٌّ مِنْهُمَا: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيد ﴾ [سورة البروج:15]: قِراءَتَانِ، وَلِكُلِّ قِراءَةٍ مَدْلُولٌ وَمَعْنًى: • قِراءَةُ الرَّفْعِ: ﴿ الْمَجِيد ﴾ فِيهَا إِثْباتُ اسْمِ الْمَجيدِ للهِ تَعَالَى، وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ إثْبَاتِ صِفَةِ الْمَجْدِ وَالرِّفْعَةِ وَالْمَدْحِ وَالثَّناءِ الْكَرِيمِ، وَاللهُ تَعَالَى وَحْدَهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلتَّمْجيدِ وَالتَّعْظيمِ وَالْإِجْلَالِ فِي قُلُوبِ أَوْلِيائِهِ وَعِبادِهِ الصَّالِحِينَ. وَمِنْ مَعَانِي الْمَجِيدِ: الوَاسِعُ الْكَرِيمُ الْمِعْطَاءُ، الْكَثيرُ الْإِحْسَانِ إِلى عِبَادِهِ بِمَا يُفيضُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْخَيْراتِ[56]. • قِراءَةُ الْجَرِّ: (المجيدِ) فيهَا إِثْبَاتُ الْعَرْشِ وَعَظَمَتِهِ وَسَعَتِهِ، وَهُوَ أَكْبَرُ الْمَخْلوقاتِ وَأعْلاهَا، كَما جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَدَرَاهِمَ سَبْعَةٍ أُلْقِيَتْ فِي تُرْسٍ[57]»، وَهَذِهِ نِسْبَةٌ قَلِيلَةٌ، وَفِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ [سورة البقرة:255]، وَقَالَ: «مَا الْكُرْسِيُّ فِي الْعَرْشِ إِلَّا كَحَلَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ بَيْنَ ظَهْرَيْ فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ»[58]، فَالْعَرْشُ أَعْظَمُ مْنَ الْكُرْسِيِّ. وَإذَا كانَ الْعَرْشُ بِهَذِه الْعَظَمَةِ وَالسَّعَةِ وَالْمَجْدِ، فَاللهُ أَعْظَمُ مِنْهُ، كَما دَلَّتْ عَلَيْهِ قِراءَةُ الرَّفِعِ. إِثْبَاتُ تَوَحُّدِ اللهِ تَعَالَى بالتَّصَرّف فيمَا يَشَاءُ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد ﴾ [سورة البروج:16]: أَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ وَحْدَهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرهِ، فَلَهُ وَحْدَهُ تَعَالَى الخَلْقُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْأَمْرُ كُلُّهُ. إِثْبَاتُ الْإِرَادَةِ الْكَوْنِيَّةِ للهِ تَعَالَى: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد ﴾ [سورة البروج:16]: إِثْباتُ الْإِرَادَةِ الْكَوْنِيَّةِ، الَّتي بِمَعْنى الْمَشيئَةِ، وَهَذِهِ الْإِرادَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِما يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى، بَلْ تَكُونُ فِيمَا يُحِبُّهُ وَفِيمَا لَا يُحِبُّهُ، كَما قَالَ تَعَالَى في آيَةٍ أُخْرَى: ﴿ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء ﴾ [سورة إبراهيم:27][59]. تَسْلِيَةُ الله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِحَاطَتُهُ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُود * فِرْعَوْنَ وَثَمُود * بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيب * وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيط ﴾[سورة البروج:17-20]: التَّنْبيهُ إِلى أمْرَينِ: الْأَوَّلُ: تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّصلى الله عليه وسلم وَحَثٌّ لَهُ عَلَى الصَّبْرِ، وَقَدِ امْتَثَلَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌصلى الله عليه وسلم، فَتَسَلَّى وصَبرَ عَلَى تَكْذِيبِ قَوْمِهِ لَهُ. الثَّانِي: إِحَاطَةُ اللهِ تَعَالَى بِخَلِقِهِ، وَأَنَّهُمْ في قَبْضَتِهِ وَتَحْتَ سُلْطَانِهِ وَقَهْرِهِ. مَكَانَةُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيد ﴾ [سورة البروج:21]: أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ عَظِيمُ الْمَعَانِي، كَثِيرُ الْخَيْرِ وَالْعِلْمِ، مَحْفوظٌ مِنَ التَّغْييرِ وَالتَّحْريفِ وَالزِّيادَةِ وَالنُّقْصَانِ[60]. كِتَابَةُ كُلِّ مَا هُوَ كَائِنٌ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظ ﴾ [سورة البروج:22]: إِثْبَاتُ اللَّوْحِ الْمَحْفوظِ وَتَقْرِيرِهِ. وَاللّوْحُ الْمَحْفوظُ: هُوَ أُمُّ الْكِتَابِ، وَهُوَ الْكِتَابُ الْمُبِينُ، وَهُوَ كِتَابُ الْأَقْدَارِ، كَمَا في الْآيةِ، وَكمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيم ﴾ [سورة الزخرف:3-4]، وَقَوْلِهِ: ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ ﴾ [سورة الحج:70]، وقَوْلِهِ: ﴿ مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ﴾ [سورة الحديد:22]. وَفي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو رضي الله عنها: أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»[61]. فَدَلَّتْ هَذِهِ النُّصوصُ: علَى أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ كائِنٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مُقَدَّرٌ مَكْتُوبٌ في اللَّوْحِ الْمَحْفوظِ، لَا يُبَدَّلُ، وَلَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يُمْحَى، وَإِنَّمَا الَّذي يَقْبَلُ التَّغْيِيرَ وَالْمَحْوَ وَالإِثْبَاتَ هُوَ مَا في صُحُفِ الْمَلَائِكَةِ، كَمَا في قَوْلِهِ: ﴿ يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَاب ﴾ [سورة الرعد:39]، وَكُلٌّ مِنَ التَّغْيِيرِ وَالإِثْبَاتِ في صُحِفِ الْمَلائِكَةِ مَكْتوبٌ في اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ تَفْصِيلُهُ وَنِهايَتُهُ. [1] ينظر: زاد المسير (4/ 423)، تفسير ابن عطية (5/ 460). [2] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 283). [3] ينظر: التحرير والتنوير (30/ 236). [4] ينظر: تفسير الرازي (31/ 106)، بصائر ذوي التمييز (1/ 510)، التحرير والتنوير (30/ 236-237). [5] ينظر: تفسير السمعاني (6/ 194)، تفسير ابن كثير (8/ 363). [6] ينظر: تفسير الطبري (24/ 261). [7] ينظر: تفسير الطبري (24/ 262)، تفسير البغوي (8/ 378). [8] ينظر: تفسير الطبري (24/ 263)، تفسير القرطبي (19/ 283)، تفسير ابن كثير (8/ 364). [9] ينظر: تفسير الطبري (24/ 270)، تفسير البغوي (8/ 383). [10] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 286-287)، فتح القدير (5/ 500). [11] ينظر: تفسير البغوي (8/ 388)، تفسير البيضاوي (5/ 300)، الدر المصون (10/ 743). [12] التبيان في أقسام القرآن (ص91). [13] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 301)، تفسير النسفي (3/ 623). [14] ينظر: غرائب التفسير (2/ 1324)، تفسير القرطبي (19/ 287). [15] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 301). [16] ينظر: تفسير الطبري (24/ 279)، تفسير البغوي (8/ 387). [17] ينظر: تفسير البغوي (8/ 387)، تفسير النسفي (3/ 642)، فتح القدير (5/ 500). [18] ينظر: تفسير الطبري (22/ 554). [19] ينظر: فتح القدير (5/ 500)، تفسير الجلالين (ص801). [20] ينظر: تفسير السعدي (ص918). [21] ينظر: تفسير الطبري (24/ 280)، تفسير البيضاوي (5/ 301). [22] ينظر: تفسير ابن كثير (6/ 94)، تفسير القاسمي (7/ 419). [23] ينظر: معاني القرآن للزجاج (5/ 308)، تفسير السمعاني (6/ 199). [24] ينظر: تفسير السعدي (ص918). [25] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 295)، فتح القدير (5/ 501)، تفسير القاسمي (9/ 446). [26] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 301)، تفسير النسفي (9/ 138). [27] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 301). [28] ينظر: تفسير الكشاف (4/ 732)، تفسير القاسمي (9/ 446). [29] سبق تخريجه. [30] ينظر: تفسير البغوي (8/ 388)، فتح القدير (5/ 501). [31] ينظر: تفسير القاسمي (9/ 446). [32] أخرجه البخاري (3209) واللفظ له، ومسلم (2637). [33] ينظر: تفسير ابن كثير (8/ 372)، تفسير السعدي (ص918). [34] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 463). [35] ينظر: تفسير الرازي (31/ 114). [36] ينظر: تفسير ابن عطية (5/ 463)، تفسير ابن كثير (8/ 372). [37] ينظر: التفسير الوسيط للواحدي (4/ 462)، تفسير البغوي (8/ 388). [38] ينظر: تفسير القرطبي (19/ 297)، تفسير البيضاوي (5/ 302)، فتح القدير (5/ 502). [39] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 302). [40] ينظر: تفسير الكشاف (4/ 733)، فتح القدير (5/ 502). [41] ينظر: تفسير السعدي (ص918). [42] ينظر: تفسير السعدي (ص918). [43] ينظر: تفسير النسفي (3/ 626)، تفسير ابن كثير (8/ 373). [44] ينظر: تفسير الطبري (24/ 285)، تفسير البغوي (8/ 389). [45] ينظر: تفسير البغوي (8/ 389). [46] ينظر: تفسير البيضاوي (5/ 302)، تفسير الخازن (4/ 414). [47] ينظر: تفسير البغوي (8/ 389)، تفسير ابن كثير (8/ 373). [48] ينظر: تفسير الطبري (24/ 286)، تفسير ابن عطية (5/ 463). [49] ينظر: التفسير المنير (30/ 160). [50] ينظر: تفسير السعدي (ص918)، التفسير المنير (30/ 160). [51] قال النووي في شرح مسلم (17/ 73-74): "هكذا الرواية يؤشر بالهمز والمئشار بهمزة بعد الميم وهو الأفصح، ويجوز تخفيف الهمزة فيهما؛ فيجعل في الأول واوًا، وفي الثاني ياء، ويجوز المنشار بالنون، وعَلَى هذا يقال: نشرت الخشبة، وعَلَى الأول يقال: أشرتها". وينظر: لسان العرب (4/ 21). [52] قال النووي في شرح مسلم (18/ 131): "القرقور بضم القافين السفينة الصغيرة. وقيل: الكبيرة". [53] أخرجه مسلم (3005). [54] طريق الهجرتين (ص233). [55] التبيان في أقسام القرآن (ص93). [56] ينظر: المقصد الأسنى (ص159). [57] الترس: صفيحة مستديرة من حديد، يتَّقُونَ بها في الحرب ضربَ السيوف. ينظر: تيسير العلام شرح عمدة الأحكام (ص269). [58] أخرجه الطبري في تفسيره (4/ 539)، وأبو الشيخ في العظمة (2/ 587). [59] ينظر: شفاء العليل (ص280). [60] ينظر: تفسير البغوي (8/ 389). [61] أخرجه مسلم (2653).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-07-2024 | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: تفسير سورة البروج
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|