فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
قسم القرآن وعلومه هنا كل مايخص القرآن الكريم وعلومه و تفسيره وتجويده وقصصه. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||
من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (3)
من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (3)
د. نبيه فرج الحصري من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (3) أما في الآخرة فإن الخالق عز وجل يعامل الخلق برحمانيته وليس برحيميته؛ أي: بالرحمة الكاملة مئة جزء وليس جزءًا واحدًا، فيخرج من النار كل من قال: "لا إله إلا الله"، ومن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، ويقول صلى الله عليه وسلم عن حال يوم القيامة: ((يقولُ اللَّهُ: أخرجوا منَ النَّارِ من قال: "لا إلهَ إلَّا اللَّهُ"، وَكانَ في قلبِه منَ الخيرِ ما يزنُ شعيرةً، أخرجوا منَ النَّارِ من قال: "لا إلهَ إلَّا اللَّهُ" وفي قلبِه منَ الخيرِ ما يزنُ برَّةً، أخرجوا منَ النَّارِ من قال: "لا إلهَ إلَّا اللَّهُ" وفي قلبِه منَ الخيرِ ما يزنُ دودةً، أخرجوا منَ النَّارِ من قال: "لا إلهَ إلَّا اللَّهُ" وفي قلبِه منَ الخيرِ ما يزنُ ذرَّةً)). ويقول عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ﴾ [النساء: 116]، فهو عز وجل يرحم خلقه من العقاب والعذاب الأليم ما داموا لم يشركوا به شيئًا، وهذا المنطق ذاته غير مطبق في حياتنا الدنيوية، فالزاني مثلًا أو شارب الخمر في الآخرة تشمله الرحمة الربانية ما دام لم يشرك بالله شيئًا، فيخرج من النار إلى الجنة بإيمانه الذي في صدره، أما في دنيانا فلا بد من تطبيق الحدود؛ لما في ذلك من مصالح اجتماعية حياتية. نخلص من ذلك إلى أن الله عز وجل يدعو لاستخدام الرحمانية وليس الرحيمية في سياق عملية التعليم، مئة جزء من الرحمة شفقة ورفقًا وحلمًا على المتعلم، ولكنه المتعلم المتأهب للتعلم، المقدر للمعلم، المستعد لمكابدة الصبر وتحَمُّل المشاقِّ في سبيل تحصيل العلم، وهنا يستحق المتعلم هذا الإشفاق على جهله، والترفق عليه في مصيبته، والاجتهاد في تعليمه ما يجهل، وهناك فرق جلي فيما يخص الموقف التعليمي الرباني والبشري، فالمولى عز وجل حين يعلم فهو يضع المتعلم في مستهل الرحمة الكاملة المتعدية، أما البشر فليس لديهم إلا جزء واحد من الرحمة سرعان ما ينفذ؛ ومن ثم ينحى المعلم لمعالجة الحالة التعليمية البشرية وفقًا لقدرته على الصبر وتحَمُّل الأذى والتعامل مع أصناف من السوقة والجهلة من البشر، هداهم الله للوفاء بحق العلم وأهله أو صرفهم الله عن ذلك السبيل ليتركوه لمن يقدره. ويلجأ صنف متميز من البشر وهم المعلمون في الموقف التعليمي - المأمورون فيه باستخدام الرحمة مع المتعلم تأسيًا بالرحمن عز وجل حين علم القرآن ولله المثل الأعلى- إلى استخدام الوسائل العقابية لعقاب المتعلم في غضون تلقيه للعلم، إذا هو قصر أو أهمل أو تكاسل أو تجاوز دوره كطالب للعلم مستحق للشفقة والرحمة كونه جاهلًا بما لدى المعلم من فضل رباني متمثل في العلم؛ وذلك لأن الرحمة المطلوبة من المعلم تجاه المتعلم لا يجب أن تكون ممتدة بلا نهاية، كما لا يجب استخدامها في كل المواقف والمراحل التعليمية بنفس المستوى. ونربأ بالأذهان المتفتحة أن تتجه مباشرة إلى أن المقصود بذلك هو العقاب البدني، بل إن هناك العديد من وسائل العقاب غير البدنية أكثر إنجازًا من العقاب البدني، منها حرمان المتعلم من المثول أمام المعلم حتى يلتزم بآداب طلب العلم، وهذه الوسيلة من أنجع الوسائل وهي الحق الأصيل للمعلم فليس من المنطقي أن يفرض على صاحب العلم من يعلمه، بل إنه لن يكون قادرًا على العطاء إلا لمن يحنو عليه، ويرفق به ولا يتحقق ذلك إلا مع من يعرف آداب طلب العلم ممن يطلبون العلم. ولسنا هنا بصدد الحديث عن أنواع العقاب التي يمكن أن يستخدمها المعلم، ولكنه مجرد لفت للأنظار إلى التناول القرآني الراقي لهذا السياق في إطار قوله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 1، 2]. ولكن لمن عَلَّم القرآن عز وجل؟ من المعَلَّم؟ ظاهر النص القرآني الكريم أنه عَلَّم القرآن لخلقه بصفة عامة، والقرآن ضروري لقيام الحياة كلها كضرورة الماء والهواء بالنسبة للخليقة، فآيتا ﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ تفيدان أنه علم القرآن عز وجل بدون تحديد، فقد يكون المتعلِّم ملكًا أو بشرًا أو جنًّا أو من غيرهم من خلق الله عز وجل الذين نعلم بهم أو لا نعلم. وإذا كانت الآيتان الأولى والثانية من سورة الرحمن المباركة لم تحددا من هو المتعلِّم في ذلك الموقف الرباني، فالآيتان التاليتان تتعلقان بالإنسان تحديدًا في قوله عز وجل: ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 3، 4]. وتفيد الآيتان الكريمتان أنه عز وجل بعد خلقه للإنسان- والمقصود به هنا آدم عليه السلام- عَلَّمه البيان، وقد يكون تعَلُّم البيان ومستوى هذا التعلم ومقداره وتوقيته مرتبط بكل إنسان على حدة؛ أي: إن كل إنسان خلقه أو سيخلقه الله عز وجل حتى قيام الساعة تتاح له الفرصة التي حدد الله مقدارها وقدرها وتوقيتها ليعلمه الله عز وجل البيان، مع اختلاف هذا التعليم والتعلم حسب كل إنسان وقدراته وملكاته ومواهبه التي يمنحه الله إياها، وعلى حسب دوره المحدد والمقدر له في الحياة، وقد يكون المقصود بالإنسان هو آدم عليه السلام فقط، وهو بدوره من ينقل هذا العلم لذريته ولسائر الذريات الآدمية جيلًا من بعد جيل، والله عز وجل أعلى وأعلم.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
12-20-2024 | #2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: من تجليات سورة الرحمن عروس القرآن (3)
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|