مهرجان الجنادرية ... إلى أين؟؟

منذ أسبوعين تقريبا إستبشرنا بأمر مليكنا وولي أمرنا عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه وبالحق نصره وأيده بإلغاء الحفل الغنائي لإفتتاح مايسمى بمهرجان الجنادرية للتراث والثقافة تعاطفا من المملكة وشعبها مع شامنا المنكوب وإظهارا للأسى الذي يخالجنا تجاه مايلاقيه أولئك المستضعفين المضطهدين ,وكم تمنى الكثير أن يلغى بكامل فصوله , ذلك المهرجان الذي أخذ منعطفا خطيرا ومنحدرا مريعاً عن جادته التي أقيم من أجلها وهي إبراز الجانب الحظاري والثقافي لوطننا الغالي من أقصاه إلى أقصاه.
لو سئل أحد منا عن عادات وثقافة مجتمع المملكة العربية السعودية فبماذا سيجيب؟ ستكون الإجابة بأنه مجتمع عربي إسلامي متدين ومحافظ. إن لهذا المجتمع خصوصية لا يشابهه فيها أي مجتمع آخر , فهو يحمل في جيناته أصالة العربي الذي إشتهر بالكرم والوفاء والشجاعة, ووريث أمة حملت نور الهدى إلى مشارق الأرض ومغاربها , ذلك الإرث الغالي الذي ضل يدافع عنه ويحميه طيلة أربعة عشر قرنا وتحمل في ذلك الكثير من المشاق ووجه الكثير من الهجمات التغريبية التي تعرض ولايزال يتعرض لها وسيبقى في مواجهتها وسيحافظ على ذلك الإرث النفيس.
ولكن حينما أردنا أن نستعرض هذا الإرث الثقافي الزاخر لمجتمعنا ونفاخر به العالم , فاستعرضنا صنائع الأجداد وإبداعاتهم ونسينا أن نستعرض أخلاقهم ونبلهم وصفاء سريرتهم وإلتزامهم بدينهم وعقيدتهم النقية, فكان ذلك سببا لما لاحظناه خلال سنوات قلائل بإنقلاب مروع لهذا المهرجان وخروجه عن مسار النهج القويم ليصبح مهرجانا للتغني والتراقص والإختلاط وأصبح وجهة لدنيئي النفوس من العلمانيين و الليبراليين المبشرين بمنهج البهيمية وإنحطاط الأخلاق وإنعدام القيم.
فمن لايعرف هذا المجتمع وتاريخه ويرى هذا المهرجان فبالتأكيد ستكون الصورة عنه كما نراها اليوم في أروقة الجنادية , من حفل غنائي سنوي يفتتحه أوضع أهل الفن والطرب إلى مهرجانات نسائية ثم تبدأ المخالفات الشرعية ويبدأ مسلسل الشيطان الذي فتحنا له باب سوق يسوق فيه بضاعته , فتيات متبرجات وفتيان مراهقون وما خفي أعظم.
لقد إستغل اللوبي العلماني الليبرالي المسيطر على إعلامنا هذا المهرجان وحولوه لصالح نهجهم ولا أدل على ذلك من الهجمة الشرسة التي يتعرض لها رجال الحسبة ومحاولة منعهم من التواجد في هذا المهرجان والمشاركة فيه وذلك ليسهل لهم السيطرة عليه وتسييره على أهوائهم الخبيثة.
عندما نكتب عن هذا الأمر نعلم يقينا أننا لسنا بأحرص من حكومتنا على مصلحة الوطن والمواطن ولسنا بأحرص من علمائنا على صلاح الوطن والمواطن ولكن الأمر قد يلتبس على البعض ويخفى عليه كثيرا من الأمور والجوانب التي تصاحب هذا المهرجان وننادي بضرورة إعادة تقويمه وتصويب مساره وضبطه بضوابط شرعية حتى لا يستغله أولئك المخربين الملحدين الذين يتربصون بنا وبديننا الدوائر.
أليس يكفينا قول الحق تبارك وتعالى: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)) , ليعلم العالم أننا أمة حضارة وامة أخلاق وقيم , فهي تراثنا وثقافتنا وليس الطرب والرقص والتبرج والسفور.
ثم أليس إخوتنا المستضعفين في الشام أحق بأن نقف معهم في محنتهم وصرف ما يدفع في هذا المهرجان لصالحهم , فإنهم في شتاءٍ أسود نقصهم الأمن إذ أمنّا وجاعوا إذا شبعنا ولا يريدون منا سوى أثمان الخرق البيضاء كي تغطي أشلاء الشهداء كما يقول أحدهم.

اللهم لا تؤاخذنا بما يفعله السفهاء منا.