08-28-2012
|
|
سويعات
من المهد إلى اللّحد سويعات سابحات إمّا إلى خيرات أو إلى منكرات .من المهد إلى اللّحد ميلاد و موت ، سكرة و عبرة ، ثم فلول إلى ما شاء ربّك . يُوارى الجسد و يُهال عليه التّراب . يبكيه مُصلاّه ، و باب للسماء كانت تُرفع منه أعماله ، ثم يمضي الباقون سائرين يتناسون تلك اللّحظة حتى موعد انقضاء ساعاتهم و دنو آجالهم وخاتمة أعمالهم...
البعض نلحق فنودعهم وكأنّنا من بعدهم مخلّدون ، والبعض يفوتنا الوداع و في كِلا الحالتين نذرف دموعاً لا نعلم أعلينا أم عليهم ، ولكن الأهم مِن ذا وذاك ، ماذا بعد الوداع ؟ العجيبُ أنّ في موتهم يقظة لهم ولبعض منّا ، مِمّن فكّر و قدّر و جَلَّى عن قلبه الرّان وأبصر. و في حياتنا غفلة لنا وحدنا لا يشاركنا فيها أحد من أهل البرزخ . هل تساءل أحدُنا ما عساهم يقولون و يتمنّون و بماذا قد يُوصون وهم بين حياتَين و عالَمين تتراءى لهم الحقائقُ جليةً كرابعة النّهار ، وتختلف لديهم الموازين التي اعتادوها من قبل ، والتي ما زلنا نتحاكم إليها..
كيف انقضت تلك السّويعات؟ هل كنّ خدّاعات ، عِشناها كمن فغر فاه لسرابٍ نمضي إليه حتى إذا بلغناه لم نجده شيئا ، وانتهت تلك الأماني بالمنون ؟ . أم كنّ سويعات خالدات تجافت جنوبنا فيها عن مراقدها في رضا خالقها فظفرنا بالحُسنيين ؟
لأجل ماذا استيقظنا كلّ يوم ؟ وبين ماذا تأرجحت ساعاتنا أهي بين ضيق الدّنيا و زخرفها ، والتّشبث بتلابيبها الفانية ، ثم أبدية الأحزان ؟ أم بين أفق الحياة الأبدية ودار الخلود والسعادة التي لا تشوبها غصّة و لا حَزَن بين روض و شجر ، ورياحين ونهر ، و اجتماع أحبّة أضناهم طولُ السّهر ..
إنّها سويعات تمرُّ مرّ السّحاب ، تفترقُ كأسراب الحمام ، و تجتمع لحظاتها و دقائقها هناك حيث تكتمل الصّورة جليةً حين توزّع الصحائف.... فلنتخيّر بأيّ يدٍ سنستلمها بأيماننا أم بشمائلنا ، ولنتخيّر أحبّتنا الذين تناصحنا معهم في الحياة الدّنيا فنِلْنَا صُحبَتَهم في دار الخلود...
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|