تمرد جسد

من سخرية أجسادنا منا انها يحدث ان تتحذ قراراتها بنفسها مستغنية عن خدمات دماغنا. نقرر الكدّ بـجِدّ. نتعب، نُرهق، و نُصرّ على الاستمرار. تشتكي لنا عيوننا، ترتجينا فسحة صغيرة.. لكن لا رحمة! فهناك جدول مليء بالمهام يصرخ بأعلى صوته مزاحمًا صوت السوط على ظهورنا! ثم تشتكي رؤوسنا، توخزنا بالصداع كأنه اشارة صفراء تقول: لقد تعديت خطوط المحتمل و دخلت مرحلة الخطر. ثم تبدأ أعضاؤنا تصدر صوت الانذار واحدًا تلو الآخر، فإن لم نستجب، قررت بنفسها إعلاننا منطقة "مغلقة"! تعاقبنا بادّعائها مشهرة في وجهنا إجازة مرضية،أو .. قد تمرض حقًا ضاربة بعرض الحائط أحكامنا التعسفية و لائحة مهامنا الجائرة! . . . على مستوى آخر، تسخر منا مداركنا عندما نحاول إجبارها على شيء غير مدرج في سلسلة قدراتها.. كأن نضغط عليها راجين مردودًا في التركيز على حِرفة ما مثلًا، أو معلومات من فئة معيّنة لا تجيدها متجاهلين قصور استطاعتها في تلك النواحي.. فتعاقبنا بأن تضيع جهودنا المتعرّقة المبذولة سدى! شخصيًا، كم تسخر مني مداركي كلما حاولت إجبارها على استيعابٍ أكبر في الجغرافيا، المساحات.. الطرقات؛ فكلما فعلت أجدها غافلتني فلا أتفاجأ بنفسي محلّقة _كالعادة_ فوق غيمة خيال و حولي فقاعات وردية! . . . سخرية أخرى كبرى تكمن في الذاكرة. قالوا: : إننا لا ننسى ما نريد نسيانه حقًا؛ ننسى كل شيء عداه!" في تجارب متكررة جهدتُ فيها للنسيان بكل ما أوتيت؛ لا بأس، بعد محاولات طويلة مضنية كنت أصل الى شيء منه.. شيء يشبه طمر الذكريات بطبقة زمنية غبارية.. لكن المدهش في الأمر، أنني كنت في كل مرة أفقد في المقابل كمية كبيرة من المعلومات التي أحتاجها! ضريبة نسيان حدث مؤلم تتطلب دفع الثمن بنسيان الكثير مما تود الحفاظ عليه! أو كما قالت إحداهن يومًا : لا يمكن قتل الألم دون سحق الذاكرة! . . . و هكذا يسخر منا جسدنا مرارًا، كل مرة يخرج عن طوعنا.. يتمرد و يفضّل أن يتخذ قرارات من تلقاء نفسه مادًّا لنا لسانًا يهزأ بجديّتنا!! راق لي