المستطيل الأسود

مستطيل_أسود

طلب معلم مادة التربية الفنية
(الرسم )
من تلاميذه أن يقوموا برسم أحد الأركان الداخلية للمنزل ..

المجلس _ الصالة _ غرفة النوم _ المطبخ ..
فباشر طلاب الصف الثاني طلب المعلم بكل حماس ورسم الجميع ركناً كلاً حسب اختياره ..ِِ

وبادروا بعد انتهائهم من الرسم وتلوين ما رسموه.. باطلاع المعلم على رسوماتهم , لتقويمها ويعطيهم بعض الإرشادات والنصائح..
ليكون رسمهم أكثر جمالاً ويصحح لهم رسوماتهم..

جاء دور الطالب " علي "
فقام من مكانه ليطلع المعلم على ما رسمه .. فكان رسماً جميلاً ومتقنناً لمطبخ المنزل وبه كل التفاصيل من دواليب وادوات ومغسلة وأجهزة ..


لكن .. شد انتباه المعلم وجود شكلاً مستطيلاً.. في الرسم بلون الأسود ..

فاستفسر !! المعلم من" علي " عن هذا الشيء الموجود بالرسم وباللون الأسود وبشكل مستطيل ..

في هذه الأثناء كنت ماراً بالقرب من غرفة الرسم والطلاب يرسمون , فلوح المعلم لي بيده وهو يناديني مبتسماً .. فتوقفت واتجهت إليه

وقال لي تمعن بهذا الرسم !!
فوجدته رسماً رائعاً وبألوان زاهية .. فقلت وماذا به !؟

فقال وما الذي شدك فيه !!
فقلت هذا المستطيل الذي باللون الأسود ..

حينها نادى المعلم التلميذ "علي" وحضر وقال هذا هو صاحب اللوحة فسأله عنها ..

أثنيت عليه وعلى رسمه الجميل ..
ووسمت على لوحته بالقلم شكل نجمة صغيرة تشجيعاً له ..

وقلت له .. ابني " علي " هل لي أن أعرف منك ما هذا الشكل المستطيل !!؟
في رسمتك الجميلة في مطبخكم الأجمل ..

هل هو باب المطبخ أو الثلاجة مثلاً..
فقال لا ..

وأشار بأصبعه الصغير على ورقة رسمه بالكراسة وقال هذا هو الباب وهذه هي الثلاجة ..

- إذا ما هذا المستطيل !؟ يا "علي"
صمت قليلاً ..
والمعلم ينظر لي وهو مبتسماً يترقب رده على سؤالي ..

فقال لي أنها .. " أمي " يا أستاذ بالمطبخ تعد لي ولأخوتي ووالدي الطعام ..

فابتسمت .. ابتسامة حاولت أن تكون خفيفة .. وكذلك المعلم..

وحاولنا أن لا تظهر أبتسامتنا أكثر .. لكي لا يعتبرها الصغير تهكماً أو عدم إعجاب بما قاله أو برسمه ..

وواصلت في سؤاله ولماذا رسمت
" أمك " الله يحفظها .. بشكل مستطيل وباللون الأسود ..

فكانت إجابته في غاية الروعة والبراءة وبنية صافية من قلب هذا الطفل الصغير ..

( لقد ألبست "أمي" عباءتها ).!!

- ممتاز قل لي إذا ..
ولماذا ألبستها العباءة ؟

- ( لكي لا ترونها يا أستاذ )

ما أروعك يا " علي " ..
أقتربت منه فرحاً به وبما قال .. ووضعت قبلة على رأسه .. ودعوت له ..
بارك الله فيك .. كم أنت رائع يا بطل ..

هنيئاً لك بشبلك يا أم " علي " فقد كنتِ حاضرة بقلبه وعقله ولهذا لم تغيبي عن فكره وحضرتي معه حتى في رسمه ..

" علي " فتى كان مثالاً للابن البار ..
ثمن جهود وتعب "أمه" من أجله ومن أجل إخوته ووالدهم ..

فكان لأمه نصيباً في تجسيد ما يشعر به تجاهها في لوحته الجميلة ..

ولم تكن أجزاء المطبخ بأغلى منها لكي يتذكر تفاصيلها فقط وينسى أمه ..

ومع اهتمامه و الحفاظ عليها مستورة .. أمام الغريب ..

تحية إجلال وإكرام لكل أم جاهدت وتعبت وصبرت في سبيل تربية الأبناء .. والعناية بهم .. وزرعت فيهم القيم الحقه.