فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
قسم القرآن وعلومه هنا كل مايخص القرآن الكريم وعلومه و تفسيره وتجويده وقصصه. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||
تفسير سورة عبس
تفسير سورة عبس
أبو عاصم البركاتي المصري تفسير سورة عبس عدد آياتها: ثنتان وأربعون، مكية. سبب نزولها: أخرج الترمذي (3331) وصححه الألباني عن عائشة قالت: ((أُنزِل: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾ [عبس: 1] في ابن أمِّ مكتوم الأعمى[1]، أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله، أرْشِدني، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من عظماء المشركين، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعرِض عنه ويُقبِل على الآخر، ويقول: أترى بما أقول بأسًا؟)). وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله: ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾ [عبس: 17] قال: "نزلت في عتبة بن أبي لهب حين قال: كفرتُ بربِّ النَّجم"[2]. مقاصد السورة: (1) عتاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم على ما حدث منه مع ابن أمِّ مكتوم. (2) السُّنَّة النبوية من الوحي، لنزول الوحي بالعتاب. (3) بيان حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الناس. (4) بيان أن التوفيق للهداية بيد الله وحده. (5) الثناء على القرآن، وأنه ذكرى وموعظة لمن عَقَلَ وتدبَّر. (6) بيان بعض وظائف الملائكة. (7) إقامة الأدلة على وحدانية الله ببيان أصل خِلْقَةِ الإنسان، وطلاقة قدرة الله تعالى. (8) ذِكْر نِعَمِ الله على خلقِهِ. (9) التحذير من الكفر والجحود. (10) ذكر بعض أهوال يوم القيامة. (11) الترغيب ببعض ثواب الموحِّدين الصالحين. المناسبة بينها وبين سورة التكوير التي بعدها: بعدها سورة التكوير، وفيها يمتد المعنى العظيم؛ وهو ذكر أهوال يوم القيامة وتصوير مشاهده. تفسير السورة: تفسير قوله تعالى: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾ [عبس: 1 - 4]: قوله تعالى: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾ [عبس: 1، 2] ﴿ عَبَسَ ﴾ أي: تغير وجهه ﴿ وَتَوَلَّى ﴾ أي: أعَرَضَ عنه، وذلك لمَّا جاء عبدالله بن أم مكتوم رضي الله عنه، والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي قومًا من أشراف قريش يعرِض عليهم الإسلام، فجعل عبدالله يستقرئ النبي صلى الله عليه وسلم آيةً من القرآن، وقال: يا رسول الله، علِّمني مما علَّمك الله، فأعرض عنه صلى الله عليه وسلم؛ لانشغاله بدعوة صناديد قريش للإسلام، فنزلت الآية، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عبدالله بن أم مكتوم بعد ذلك يُكرِمه، وقد استخلفه على المدينة مرتين يؤُمُّ الصلاة، وكان يؤذِّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن عطية: "في مخاطبته بلفظ الغائب مبالغة في العتب؛ لأن في ذلك بعض الإعراض"[3]. وقال الزمخشري: "وفي الإخبار عما فَرَطَ منه، ثم الإقبال عليه بالخطاب: دليل على زيادة الإنكار"[4]. وقال غيرهما: هو إكرام للنبي صلى الله عليه وسلم وتنزيه له عن المخاطبة بالعتاب، وهذا أحسن. قوله تعالى: ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ﴾ [عبس: 3، 4]؛ أي: لعله يتطهر من الذنوب بالعمل الصالح بسبب ما يتعلمه منك، فالضمير في ﴿ لَعَلَّهُ ﴾ راجع إلى ﴿ الْأَعْمَى ﴾، أو يتذكر فيتعظ بما تعلَّمه من المواعظ فتنفعه الذكرى، ومثل هذه الآية قوله في سورة الأنعام: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾ [الأنعام: 52]، وكذلك قوله في سورة الكهف: ﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 28]. تفسير قوله تعالى: ﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ﴾ [عبس: 5 - 10]: ﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ﴾ [عبس: 5]؛ أي: استغنى بماله عن الإيمان، وأصرَّ على الشرك؛ قال ابن عباس: استغنى عن الله وعن الإيمان بما له من المال؛ كقوله: ﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ [العلق: 6، 7]، ﴿ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ﴾ [عبس: 6]؛ أي: تُولِّيه وجهك واهتمامك وإصغاءك، ﴿ وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ﴾ [عبس: 7]؛ أي: ما عليك شيء في ألَّا يسلم ولا يهتدي، إن عليك إلا البلاغ؛ قال تعالى: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]، وقال: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 272]. قوله جل شأنه: ﴿ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ﴾ [عبس: 8]؛ وهو ابن أم مكتوم ﴿ يَسْعَى ﴾؛ أي: بخُطًى سريعة، طالبًا منك أن تُرشده إلى الخير وتَعِظَه وتعلمه، ﴿ وَهُوَ يَخْشَى ﴾ [عبس: 9]؛ أي: وهو يخشى الله، والآية أصل في مناقب عبدالله بن أم مكتوم رضي الله عنه. ﴿ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ﴾ [عبس: 10]؛ أي: تتشاغل عنه، وتُعرِض عن الإقبال عليه، والتَّلهِّي: التشاغل والتغافل، وهذه الآيات تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد فيما لا وحيَ فيه، وكان الوحي ينزل أحيانًا بالتصويب والتعديل، أو إمضاء الأمر مع العتاب، وهذا دليل صدق الرسول في تبليغ الوحي، وأن السُّنَّةَ وحيٌ من الله؛ لأن الله لا يُقر نبيه صلى الله عليه وسلم إلا على ما يرضاه سبحانه. تفسير قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 11 - 16]: ﴿ كَلَّا ﴾ [عبس: 11] زَجْرٌ؛ أي: لا تفعل بعدها مثلها، ﴿ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴾ [عبس: 11]؛ يعني: موعظة، ﴿ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴾ [عبس: 12]؛ أي: اتَّعظ به، والهاء في ﴿ ذَكَرَهُ ﴾ راجعة إلى القرآن والتنزيل والوعظ، ﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ﴾ [عبس: 13]: اللوح المحفوظ، وقيل: صحف الأنبياء يعني المصحف الشريف؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾ [الأعلى: 18، 19]. ﴿ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 14 - 16] لا يمَسُّها إلا المطهرون؛ وهم الملائكة، ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴾ [عبس: 15]: وهم الملائكة الكرام الكاتبون؛ قال ابن عباس: يعني كتبة أسفار، وقيل: هم الرسل من الملائكة، واحدهم سفير، ﴿ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴾ [عبس: 16]؛ أي: كرام على الله، ﴿ بَرَرَةٍ ﴾: أي: مطيعين، جمعُ بارٍّ. تفسير قوله تعالى: ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ * ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ * كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ﴾ [عبس: 17 - 23]: قوله تعالى شأنه: ﴿ قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾ [عبس: 17]: لُعِنَ الإنسان الكافر أو عُذِّب، قيل: المراد به عُتَيبة بن أبي لهب، وقيل: عُتبة بن أبي لهب؛ روى أبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة" (383) بسنده إلى معمر عن ابن طاوس، عن أبيه: "أن الآية نزلت في عتيبة بن أبي لهب لما أنزل الله تعالى سورة ﴿ وَالنَّجْمِ ﴾ [النجم: 1]، قال عتيبة: أنا أكفر بالنجم إذا هوى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم سلِّط عليه كلبًا من كلابك))، أمرَ أهل الرفقة - في سفر - أن يحرُسوه تلك الليلة ففعلوا، وجاء الأسد وَثَبَ وثبةً، وصار على ظهره وافترسه"[5]. ومعنى: ﴿ مَا أَكْفَرَهُ ﴾ [عبس: 17] التعجب من إفراط كفره بالله، مع كثرة إحسانه إليه. قوله: ﴿ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [عبس: 18] استفهام ومعناه التقرير، ثم فسَّره فقال: ﴿ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ ﴾ [عبس: 19]؛ أي: من ماء مَهين، وهذا تحقير له، قال الحسن: "كيف يتكبر من خرج من مخرج البول مرتين؟". ﴿ فَقَدَّرَهُ ﴾ [عبس: 19] قدَّر خَلْقَه؛ رأسَه وعينيه ويديه ورجليه وسائر الأعضاء، وقيل: قدَّر أطواره، حتى تمَّ خلقه. قوله: ﴿ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴾ [عبس: 20]: بيَّن له طريق الخير والشر؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان: 3]، وكقوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾ [الليل: 5 - 9]، وقيل: سبيل الرحم يسَّره بالخروج من بطن أمه. قوله: ﴿ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ﴾ [عبس: 21]: إذا حضر أجَلُه، جَعَلَ له من يدفنه، ﴿ فَأَقْبَرَهُ ﴾؛ أي: أدخله القبر ودفنه. قوله: ﴿ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ﴾ [عبس: 22] النشر؛ أي: البعث والإحياء بعد الموت، قوله: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾ [البقرة: 28]؛ أي: إن الذي أحياكم، ثم أماتكم، فكذلك هو الذي يحييكم. وقوله عز وجل: ﴿ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ﴾ [عبس: 23]: لم يفعل ولم يصنع ما أمره الله تعالى، واختار العصيان والكفر؛ وقال مجاهد: "لا يقضي أحدٌ أبدًا كل ما فُرِضَ عليه". تفسير قوله تعالى: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 - 32]: شرَعَ الله تعالى يذكُرُ في هذه الآيات الإنسانَ الكَفُورَ بنِعَمِهِ عليه؛ لعله ينزجر أو يعترف بها ويؤمن بالله، ويعمل بشكرها؛ فقال سبحانه: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴾ [عبس: 24]؛ أي: فليتأمل ما يأكله من نبات بشتى أنواعه، ﴿ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ﴾ [عبس: 25] أنزل الله المطر ليَسقِيَه ويُنبتَه، ﴿ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ﴾ [عبس: 26] شَقَقْناها بالنبات الخارج منها بسبب نزول المطر شقًّا بديعًا؛ قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾ [الواقعة: 63 - 65]، وقال: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا * لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ﴾ [النبأ: 14 - 16]، وقال: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [النازعات: 30 - 33]. ﴿ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ﴾ [عبس: 27] نحوَ البُرِّ والشَّعير والذرة، ﴿ وَعِنَبًا وَقَضْبًا ﴾ [عبس: 28] والعنب معروف، ﴿ وَقَضْبًا ﴾ [عبس: 28]؛ قال الحسن: "القضب: العلف للدواب"، القضب: هي الرَّطبة، سُمِّيت: قضبًا؛ لأنها تُقْضَبُ، وتُقطَع مرةً بعد مرة مثل العشب. ﴿ وَزَيْتُونًا ﴾ [عبس: 29]: شجرة الزيتون ﴿ وَنَخْلًا ﴾ [عبس: 29]؛ يعني: النخيل، ﴿ وَحَدَائِقَ ﴾ [عبس: 30]: ما أُحيط عليها بسور ونحوه من الشجر والنخيل ﴿ غُلْبًا ﴾ [عبس: 30]: غِلاظًا طوالًا. ﴿ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ﴾ [عبس: 31]: الفاكهة معروفة؛ وهي ما يأكلها الناس، الأبُّ: الكلأ والمرعى؛ قال ابن عباس: "نَبْتُ الأرض ما يأكله الدواب ولا يأكله الناس"[6]. ﴿ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 32]؛ قال الحسن البصري: "﴿ مَتَاعًا لَكُمْ ﴾ [عبس: 32]: الفاكهة، ﴿ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 32]: العشب". تفسير قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴾ [عبس: 33 - 42]: أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: "الصاخة من أسماء يوم القيامة؛ يعني: صيحة القيامة، سُمِّيَت بذلك لأنها تَصُخُّ الأسماع"؛ أي: تبالغ في إسماعها حتى تكاد تُصِمُّها. ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ﴾ [عبس: 34]، وذلك كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ﴾ [فاطر: 18]. قال السمعاني في تفسيره (6/ 162): "قيل: يفر لئلا يَرَوا الهوان الذي ينزل فيه، وقيل: يفر منهم ضجرًا لعِظَم ما هو فيه"، وفي بعض التفاسير: أن قوله: ﴿ مِنْ أَخِيهِ ﴾ [عبس: 34] قابيل من هابيل، وقوله: ﴿ وَأُمِّهِ ﴾ [عبس: 35] هو الرسول من أمه، وقوله: ﴿ وَأَبِيهِ ﴾ [عبس: 35] هو إبراهيم صلوات الله عليه من أبيه، وقوله: ﴿ وَصَاحِبَتِهِ ﴾ [عبس: 36]؛ أي: زوجِهِ وامرأته، هو لوط عليه السلام من زوجته، وقوله: ﴿ وَبَنِيهِ ﴾ [عبس: 36] هو آدم عليه السلام من بنيه المفسدين، وقيل: هو نوح عليه السلام من ابنه. ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 37] يُغنيه؛ أي: يشغله، أخرج الطبري في التفسير (30/ 39) بإسناد ضعيف عن سودةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يُبعَث الناس حُفاةً عُراةً غُرلًا قد ألجمهم العرقُ، وبلغ شحوم الآذان، فقلت: يا رسول الله، وا سوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض؟ فقال: قد شغل الناس، ﴿ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 37])). وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يُحشَر الناس يوم القيامة حفاةً عراةً غرلًا، قلت: يا رسول الله، النساءُ والرجالُ جميعًا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال صلى الله عليه وسلم: يا عائشةُ، الأمر أشدُّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض)). ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ﴾ [عبس: 38] مُشرِقة ناضرة، مضيئة ناعمة. ﴿ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ﴾ [عبس: 39]؛ أي: مسرورة بنعيم الله تعالى الذي أنعم عليهم. ﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ﴾ [عبس: 40] كأنما علاها الغبار، ثم تسوَّد، ثم تُطمَس؛ كما قال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴾ [النساء: 47]، وقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [آل عمران: 106، 107]. ﴿ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴾ [عبس: 41] تغشاها الذِّلَّة، أو تعلوها؛ قال ابن عباس: ﴿ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴾ [عبس: 41]: "تغشاها شدة". ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴾ [عبس: 42]؛ قال الماوردي في تفسيره (6/ 210): "... أنهم الكفرة في حقوق الله، الفجرة في حقوق العباد، الثاني: لأنهم الكفرة في أديانهم، الفجرة في أفعالهم". انتهى تفسير سورة عبس، وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وآله وصحبه. [1] الوصف بالعَمَى للتعريف وليس به بأس، بخلاف ما إذا قُصِدَ به التنقيص. [2] لباب النقول في أسباب النزول للسيوطي، ص: 362. [3] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (5/ 436). [4] الكشاف (4/ 701). [5] حديث: ((اللهم سلِّط عليه كلبًا من كلابك)) قيل: في عُتَيبَةَ بن أبي لهب، فقتله الأسد، أخرجه الحاكم في المستدرك (2/ 588) وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وحسَّنه الحافظ في "الفتح" (4/ 48)، ووقع في (المستدرك): لهب بن أبي لهب، والصحيح عتيبة. [6] أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (3 /322-323، ح2172).
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
مواقع النشر (المفضلة) |
(عرض الكل) الاعضاء اللذين قامو بقراءة الموضوع : 2 | |
, |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تفسير سورة البروج | انسان نادر | قسم القرآن وعلومه | 4 | 12-08-2024 02:24 PM |
تفسير سورة البينة | انسان نادر | قسم القرآن وعلومه | 4 | 11-30-2024 11:24 PM |
تفسير سورة الملك | عروبة وطن | قسم القرآن وعلومه | 5 | 08-23-2021 08:25 AM |
تفسير صورة الأخلااص | أبن نااااااعور | - القسـم الاسلامـي | 0 | 10-31-2010 06:56 AM |