اعذب الشعر اكذبه !

‏

* تأملات يتداول الشعراء مقولة «أعذب الشعر أكذبه» التي اختُلِف في قائلها الأول، ما يشير إلى قضية الصدق والكذب في الشعر . ولو عدنا إلى تراثنا النقدي لوجدنا زياد بن أبيه في العصر الأموي يقول «الشعر كذب وهزل، وأحقه بالتفضيل أكذبه»، وفي ذلك إشارة إلى الخيال، فالشعر يتصف بالكذب من خلال قدرة الشاعر على اختلاق الأشياء وتوليدها من العدم، ومن ذلك قول الخليفة العباسي هارون الرشيد للأصمعي «إن كنت صادقاً فقد أتيت عجباً، وإن كنت كاذباً فقد أتيتَ أدباً»، إذ خلع على الروايات الكاذبة صفة الأدب. ثم جاء قدامة بن جعفر ليفاضل بين الكذب والصدق، وإن كان أسْماهُما الغلو والاقتصار، مائلاً إلى مذهب الغلو الذي رآه أجوَدَهما، مع تقييده في نطاق المعنى الممتنع؛ الذي لم يكن ولن يكون، ولكن من الممكن أن يكون. وتبعه حازم القرطاجني الذي عني بالتخييل ووضع مفهومه للشعر، معتبراً الكذب إحدى وسائل تحقيق التأثير في المتلقي شريطةَ تمويه الكذب، وإخفائه، وإظهاره للمتلقي في حُلّة الصدق. ورغم اختلاف الزوايا والرؤى في هذه القضية، إلا أنني أرى الكذب الشعري ليس ذاك الذي يتعارض مع الأخلاق ، بل هذا الذي ينجم عن الخيال بصفته جوهر العمل الشعري على وجه الخصوص ، والعمل الإبداعي على وجه العموم ‏ *

انسان نادر معجب بهذا