أسرى بين غلوِّ الحبِّ واعتدالِه

ما بالُ الإنسانِ يُغالبُ نفسَه ويُخضعُها
لأغلالِ الحبِّ المُبالغِ فيه؟

ما بالُ الإنسانِ ؟!

ويسيرُ خلفَ ظلٍّ يُخيّلُ لهُ؟
يلقي بقلبِهِ في لُجّةٍ عمياء،
ويُقدّسُ ما يَفنى، كأنَّه الباقي في السماء.

يا قلبًا أهوى حتى أهلكَ صاحبَه،
وأسلمَهُ لعبوديةِ الهوى،
كيف تَجعلُ الحُبَّ قيودًا،
وهو خُلقَ ليكونَ نجاةً وعزاء؟

ألم تعلمْ أنَّ المُبالغةَ في التعلُّقِ
كخيطِ العنكبوتِ في العاصفة؟
تنسجهُ بخيوطِ أملٍ هشٍّ،
ثم تنقضُهُ الرياحُ حين تشتدُّ.

تأمَّلتُ فيمن بالغَ في عشقِ شيءٍ،
فصارَ عبدًا لهُ، لا سيّدًا عليهِ.
كالساعي في صحراءِ عطشٍ،
يجرُّ خلفهُ قربةً مثقوبةً،
فإذا وصلَ النهايةَ، وجدَ يداهُ خاويتين.

يا عاشقًا يحفرُ في الماءِ نقشًا،
ويرجو من الرمادِ جمرةً،
اعلمْ أنَّ الإفراطَ في الحبِّ سمٌّ،
وأنَّ القلبَ إذا أثقلَتهُ القيودُ،
هزمَ نفسَهُ قبلَ أن تُهزمهُ الحياة.

الحبُّ، إن كان اعتدالًا،
كان ريحًا رخاءً تُحركُ السفينةَ بلطف،
وإن جاوزَ الحدَّ،
صارَ إعصارًا يُلقي بها إلى الهلاك.

ما أعدلَ الحبَّ إذا سارَ على صراطٍ مستقيم،
وما أكرمَهُ إذا كانَ نورًا لا نارًا،
لكنَّ من أشعلَ النيرانَ في قلبه،
كانَ أولَ من احترقَ بلهيبِها.

يا مَن تُبالغُ في التعلُّقِ،
أما علمتَ أنَّ لكلِّ قلبٍ قدرًا،
وأنَّ السيلَ إذا جاوزَ ضفافهُ، أغرقَ زهرَ الأرضِ بما فيها؟
اجعلْ حُبَّك ضياءً يُنيرُ دربَك،
ولا تُسلمهُ لما يُثقلك،
فالقلبُ أمانةٌ في يدك،
لا تُذبهُ كشمعةٍ تُضيءُ ما حولَها،
ثم تذوي هيَ هباءً.

يا غارقًا في لجّةِ الهوى المهولِ،
أما علمتَ بأنّه بحرٌ بلا سبيلِ؟
يطغى على من لم يُحكِم شراعَه،
ويتركُه للضياعِ بينَ المستحيلِ.

فاحذرْ أَمواجَ الهوى إذا اشتدّتْ،
تكسِرُ القلبَ في عنفوانِ الرحيلِ.

تذكَّر دومًا: ما تعلَّقَ القلبُ بشيءٍ فانٍ، إلا سقطَ معه،
وما سامحَ الهوى حدوده، إلا كانَ طريقًا للهلاك.




بقلمـي : ميسـاءكم
——————————
وليدة اللحظـة
———————-
ألهمتني

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السفيره

هل يُهزَم الإنسَان بِـ الأشيَاء التِي
يُبالغ فِي مَحبتهَا ..!!!

انسان نادر ,ندى ,هدوء المساء ,السفيره معجبون بهذا