فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
أقْـــلآم حُـــرّة هنا القلم الحر | جميع ابداعات | الاعضاء| الشخصية| |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||
مرآة الرَّدى
لمن لا يروق له الخيــال التافه :) لا يقــرا حين يبتلع الوهم الحقيقة في زمنٍ طوته الرمال ونطقت فيه النجوم بلغةٍ لا يفك طلاسمها إلا من غاص في سرائر الحكمة، هناك وادٍ منسيٌّ، يلفه الغموض كما يلف الليل سرّ النائمين. “وادي الأزل” ، أرضٌ سكنت أهلها الغفلة، لا يعرفون للحقيقة وجهًا إلا حين تنثال عليهم في الأحلام. في قلب هذا الوادي ، ارتفع صرحٌ حجريٌّ عتيق ، كأنّه ظلُّ إلهٍ منسيٍّ، منسوبٌ إلى “نِتْرَة”، إلهة الحقيقة المطمورة في سراديب النسيان. شيعه السفهاءفي جوفه، كانت مرآةٌ سوداء، يُقال إن من تجرأ على التحديق فيها رأى شظايا روحه قبل أن تتكوّن، ورؤىً تذيب العقل كما يذوب الشمع في أتون النار. في ليلةٍ لا يشوب ظلامها قمر ، قدم إلى الوادي شابٌّ هزيل البدن، نافذ البصر، يدعى “رِفْقَان”. كان يحمل بين يديه مخطوطةً مهترئةً، كُتِب فيها: “من وجد مرآة الرَّدى وكابد رؤاها، ملك مفتاح الخلود الـى الهلاك” . سخر منه أهل الوادي، إذ لم يجرؤ أحدٌ على الاقتراب من الصرح مذ ابتلعت المرآة فتاةً تُدعى “زينب”، فاختفت بلا أثر، كأنّها لم تكن يومًا. لكن رِفْقَان، الذي كان في صدره فراغٌ يتلوّى كالرمال المتحركة، قرّر أن يلج الصرح تحت جنح الظلام. حمل مصباحًا نحاسيًّا بلون الدم، وسار بين الجدران التي حُفرت عليها أشكالٌ هجينة ، نصفها بشرٌ ونصفها كائناتٌ من عالمٍ لا تدرِكه العيون. عندما وقف أمام المرآة، وجدها مُعلّقةً في الهواء، لا تسندها يدٌ ولا جدار ، تنبعث منها أنفاسٌ باردةٌ كأنّها أصداءُ أرواحٍ ضائعة. مدّ يده المرتعشة ولمس سطحها، فإذا بالزمن ينشق كستارٍ ممزق ، وانفتحت أمامه بوابةٌ إلى عوالمَ تئن تحت وطأة الأسرار. رأى نفسه طفلًا يلعب تحت شجرة السدر، وأمه تضحك، ثم شاهدها تموت بين ذراعيه مسمومةً بيد والده! لكن المشهد تبدّد كالدخان، فإذا به يرى وجهًا آخر، لرجلٍ عجوزٍ يشبهه تمامًا، جالسٍ على عرشٍ من ذهب، تحفُّ به الجموع، لكن في عينيه دموعًا حمراء كالدم! حاول أن يفر، لكن قوى خفيّة شدّته إلى أعماق المرآة، حتى سمع صوتًا يهمس: “الحقيقة مريرةٌ كالعلقم، لكن من يجرؤ على ابتلاعها يصبح سيد الوهم”، ثم انكسرت المرآة فجأة، وخرجت منها امرأةٌ تلبس السواد… إنّها زينب! لكنّها لم تعد بشرًا، بل صارت ظلًا نصفه نورٌ ونصفه ظلام. أخبرته أنّها لم تبتلعها المرآة، بل انصهرت في جوفها، واكتشفت السرّ المدفون: المرآة لم تكن إلا بوابةً إلى عالم الأرواح الضائعة، وأنّ والده هو من صنعها! كان رجلاً سعى إلى تحويل الألم إلى قوة، لكنه غرق في متاهات جنونه، وترك خلفه ميراثًا من الوهم. الآن، كان على رِفْقَان أن يختار: إما أن يُحطّم المرآة ويحرر الأرواح، لكنه بذلك سيمحو ذاكرة الوادي، حتى ذكريات أمه، أو أن يتركها، فيتحوّل الوادي بأكمله إلى مدينة أشباح. لم يكن القرار يسيرًا، فجمع أهل الوادي وروى لهم الحقيقة، فانقسموا بين من قال: “دع الذكريات تهوي، فليولد الوادي من جديد”، وبين من صاح: “الذاكرة هي الروح، فبدونها نصير ظلالًا بلا معنى” . لكن رِفْقَان لم يترك للجدال موطئًا، رفع فأسًا من حديد ، وبضربةٍ هوت كالصاعقة، هشّم المرآة إلى شظايا، بينما كانت زينب تقاتل الظلال كي تمنحه لحظة الحسم. عندها، انفجر نورٌ أغشى الأبصار، وعندما انجلى العمى، كان الوادي قد تحوّل إلى جنةٍ خضراء، واختفى الصرح الحجريّ كأنّه لم يكن ، ولم يبقَ منه سوى نهرٍ ينساب بهدوءٍ، يحمل في أعماقه بقايا الحكايات المنسية. لكنّهم جميعًا فقدوا ذاكرتهم، لم يعودوا يعرفون أسماءهم، ولا قصصهم. وحده رِفْقَان، وقد صار شيخًا بين ليلةٍ وضحاها، تذكّر شيئًا واحدًا: ضحكة أمه. لم يكن يدري إن كانت ذكرى حقيقيةً أم وهمًا، لكنه اتخذها بدايةً لحكايةٍ جديدة، يرويها للعابرين، عن أمٍّ تحرس أبناءها، حتى في الذكريات الميتة. أما زينب، فقد لمحها في صفحة الماء ، هامسةً بصوتٍ كالحلم: “الحقيقة لا تموت، لكنها تتوارى حين نغرق في أكاذيبنا”. فهل كان رِفْقَان حقًا منتصرًا، أم أنّه سقط في فخ الوهم الأكبر؟ حصــريه ————— ميسـاء —————- غرامـة السفيره 🌷🫠
..
|
منذ يوم مضى | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: مرآة الرَّدى
|
|
|