الابتسامة تعلن الحب والألفة والمودة بين قلوب المؤمنين، والمؤمن يؤجر على تلك البسمة التي يهبها لأخيه بنية صالحة، ففي الحديث الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبسُّمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة"؛ رواه الترمذي، وفي الحديث الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق"؛ رواه مسلم.
فاحرِص على أن تعامل الناس بوجه بشوش، وتذكر أن تلك البسمة ستنال عليها ثواب الصدقة، فهو أجر عظيم على عمل يسير، فلا تضيع ذلك الأجر من نفسك، ولا تنسَ أن تنوي ذلك وأن تحتسب الأجر، والله يضاعف لمن يشاء.
وأما عن إفشاء السلام، فديننا دين السلام، واسم ربنا جل جلاله السلام، وقد حضنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم على إفشاء السلام، ودعانا لأن نلقي السلام على كل المسلمين حتى مَن لا نعرف منهم، وسنَّ لذلك قواعد وآدابًا، وجعل عليه الكثير من الأجور.
فأما حضنا على إفشاء السلام، فقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم به، وأكَّد أهميته: ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"؛ رواه مسلم وأبو داود.
وقد زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأكيد أهمية إفشاء السلام حتى جعله من حق المسلم على المسلم، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس"؛ رواه البخاري ومسلم وأبو داود، وفي الحديث الصحيح لمسلم: "حقُّ المسلم على المسلم ست، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمِّته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه"؛ ورواه الترمذي والنسائي بنحو هذا.
وقد دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إلقاء السلام على من عرفنا ومن لم نعرف: ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"؛ رواه البخاري ومسلم.
وأما تعظيم أجر السلام، فقد جعل الله بذل السلام من موجبات المغفرة، ففي الحديث الصحيح في رواية جيدة للطبراني قال: "قلت: يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام".
كما جعل الحسنات على قدر صيغة السلام التي تلقيها على أخيك:
فمن قال السلام عليكم فقط نال عشر حسنات، ومن قال السلام عليكم ورحمة الله نال عشرين حسنة، ومن قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نال ثلاثين حسنة، ففي الحديث الصحيح عن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عشر، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد فجلس، فقال: عشرون، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد فجلس، فقال: ثلاثون"؛ رواه أبو داود والترمذي وحسنه.
وقد جعل الجنة هي ثواب من يفشي السلام، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام"؛ رواه ابن حبان في صحيحه.
وقد ذم رسول الله صلى الله عليه وسلم من يمسك عن السلام حتى سماه بخيلًا، وأبخل الناس أيضًا ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعجز الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام"؛ رواه الطبراني.
وقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آداب إفشاء السلام، فالتسليم في بداية المجلس وفي نهايته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة"؛ رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي.
والراكب يسلم على الماشي، والماشي على الجالس، ففي الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل"؛ رواه البزار.
فإذا تفرَّق الماشيان معًا في طريق واحد، ثم التقيا سلما من جديد، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفرق بيننا شجرة، فإذا التقينا يسلم بعضنا على بعض"؛ رواه الطبراني بإسناد حسن.
وقد حضَّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحرص على البدء بالسلام، ففي الحديث الصحيح عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام"؛ رواه أبو داود والترمذي وحسنه، ولفظه قيل: "يا رسول الله، الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: أَولاهما بالله تعالى".
🌸🌸