بين أيديكم أفانين من حدائق القرآن
وعبق من أرجوانه
وشذى رياحين لتدبرات آياته
فهنا جمال صوره وهناك مثل ضربه الله
وهناك حكمة مجيء الآية تلو الآيه وهنا توضيح لما يصعب فهمه على العامه
وهنا من الإعجاز العلمي مايبهر العقول
ويسلب الألباب وهناك مايصدق الواقع
ومانعيشه من مرارة أنزلها الله
قبل 1400 سنه في كتاب لاينطق
عن الهوى
أرجو من الله لنا ولكم أن تعود قلوبنا غضة
طرية بفهمها وتدبرها لكتاب ربها
فقد قال الله ((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)) يظهر هنا أن الواجب علينا تدبره وفهمه قبل حفظه ..
وهنا سأصحبكم بين أي القرآن .. وكيف ان نتخلق بخلق القرآن وكيف علمنا وربانا القرآن .. سيكون متجدد بإذن الله ..
بعض المسلمين يتعامل مع القرآن لمجرد التلاوة والتجويد فقط، ولا يسعى في فهمه وتدبره، مكتفيا بالتقليد، وربما ينطبق عليهم قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ}، أي ليس لهم حظ إلا التلاوة فقط.
****
أفضل وسيلة للرشد في القول والعمل الاستجابة لأمر الله تعالى والإيمان به: {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، وبقدر تحقيق الأمرين؛ يكتمل الرشد عند المرء.
****
ليكن خلقي القرآن ..~
التمسك بكتاب الله وهدي رسوله صلى الله علية وسلم طريق الاعتصام بالله، والاعتصام بالله طريق الهداية، فلنراجع أخلاقنا أين هي من خلق القرآن، ومن هدي الرسول صلى الله عليه وسلم؟ {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
لنتأمل قلوبنا هل تنفع فيها المواعظ؛ لأنها إذا لم تنفع فيها فيخشى عليها أن تكون قد نزعت منها صفة التقوى، فالموعظة تنفع المتقين، والذكرى تنفع المؤمنين.
*****
وليكن خلقي خلق القرآن ..~
{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} خطاب عام لجميع المتعاملين مع بعض، فيشمل الزوجين، والإخو والأقارب، والأصدقاء، وأصحاب الأعمال مع موظفيهم والعكس، بأن يراعوا جميعا الفضل الذي كان من هذا الشخص، ولا يتم نسيانه في لحظة غضب أو نزوة طيش.
*****
فليكن خلقي خلق القرآن ..~
لا ينبغي لحامل القرآن، أن يقول قولا يصد الناس عن سبيل الله أو يسهم في ذلك أو يسهله، واقرأ أن شئت قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}،
وتأمل ختام الآية الذي يوضح مراقبة الله لأعمالنا بل نياتنا.. فلنتنبه لئلا نقع أو نوقع أحدا في الصد عن سبيل الله.
يعلمنا القرآن أن نسعى إلى تقوى الله، {حقّ تقاته} وهذا النوع من التقوى سبب في أن يظل عليها المرء طيلة حياته، وتحميه من ضلال الشبهات وزيغ الشهوات، لتكون النتيجة {وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأنتُم مَّسلِموُنَ}. فلنفتش قلوبنا حتى نصل إلى تقوى الله حق تقاته، ولنسأل الله الثبات.
*****
وليكن خلقي خلق القرآن ..~
بقدر قربك من كتاب الله يكون قربك من الله، وبقدر قربك من الله يكون اعتصامك به، وبقدر اعتصامك به تكن هدايتك إلى الصراط المستقيم، فماذا نريد بعد الهداية إلى الصراط المستقيم؟ إنها سر سعادة المرء وحياته.. {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.}.
*****
فليكن خلقي خلق القرآن ..~
يأمرنا الله تعالى بالتواضع واللين في تعلم العلم وفي تعليمه، وألا يغتر الإنسان بما آتاه الله من العلم غرورا يصل به إلى حد تعظيم النفس واحتقار الآخرين، وهو ما نشاهده عند البعض اليوم ممن لم يتأدب بأدب القرآن، وانظر إلى هذا الوصف القرآني الجميل، {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}.
******
ليكن خلقي خلق القرآن ..~
من صفات اليهود تحريفهم الكلام عن مواضعه، وتبديله لموافقة شأن من شؤون الدنيا، وإذا قام امرؤ بمثل هذا العمل فحرف شيئا من الأحكام الشرعية موهما الناس بأن هذا هو حكم الله عامدا، ففيه شبه من اليهود، وربما يدخل تحت قوله {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
نقض العهود أمر عظيم جدا، وخاصة العهود التي نعقدها مع ربنا في مقابل عرض من أعراض الدنيا، وهذا نتيجته أن ليس للمرء مكان في الآخرة، وهؤلاء المتصفون بهذه الصفات، { لاَ خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. }.
*****
وليكن خلقي خلق القرآن ..~
ما أجمل أن تجتمع هذه الصفات الخمس في المسلم، تأملها جيدا ولاحظ الترابط فيما بينها، ثم فكر كم صفة منها تحققت فيك: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ }.
*****
فليكن خلقي خلق القرآن ..~
القول الجميل أفضل من دفع المال، إذا كان دفع المال سيتبعه من أو أذى، تأملي قوله تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيم}.
******
ليكن خلقي خلق القرآن ..~
لا تشغل أنفسك في البحث عن أمور لا طائل من ورائها من أمور الدنيا، بل ابذل الأسباب في العمل الجاد المثمر، ودع ما سوى ذلك، وتذكر قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ{73} يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}.
مما يعين على الخشوع تذكر لقاء الله تعالى، والرجوع إليه يوم القيامة، وكلما أحب المرء لقاء الله؛ سعى في مرضاته وأحب لقاءه، وتأملي قوله: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.
*****
وليكن خلقي خلق القرآن ..~
قربنا من الله تعالى متمثلا بالمحافظة على الصلوات بخشوع، وما تتضمنه الصلاة من قراءة القرآن، وذكر الله والدعاء، كلها أمور تعطي القوة في الحياة وتهيئ المرء لتحمل الشدائد، وتخطي العقبات {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ}.
*****
فليكن خلقي خلق القرآن ..~
مما يعين على مقاومة ضغوط الحياة وشهواتها، وأقدار الله المؤلمة ويساعد على تحقيق مبتغياتنا فيها، الاستعانة بالصبر والصلاة {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}.
******
ليكن خلقي خلق القرآن ..~
يحثنا القرآن على الائتلاف، ونبذ الفرقة والاختلاف.. وهي منة امتن الله علينا بها قبل أن يمتن علينا بنعمة الإسلام، حيث ألف قلوبنا، تأمل قوله تعالى: {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا} فإياك أن تسعى إلى تفريق جماعة المسلمين بقول أو عمل أو إعانة على ذلك
*****
وليكن خلقي خلق القرآن ..~
المسارعة إلى الخيرات إحدى أهم صفات المؤمن الجاد، ومما يعين على ذلك: أن يأخذ الشاب الأمور بجد واجتهاد، ويسارع في كل خير، استشعارا لحاجة الأمة إليه، واستشعارا لحاجته للثواب، وسرعة انقضاء وقته وعمره..