بعض الخطوات للاستعداد لرمضان
5) وهو من أهم الخطوات: لنتساءل
ـ أيها الإخوة ـ عن طريقة قراءتنا للقرآن:
أهي قراءة لمجرد القرآة؟ ونيل ثواب الأحرف المتلوة فقط؟
أم هي قراءة نريد منها صلاح قلوبنا؟
الواقع الذي يُرى في عموم المسلمين:
أن أكثر الناس يفتش عن الكمّ لا الكيف،
لهذا قلّ أثر القرآن على قلوبنا وحياتنا! إلا من رحم لله.
القرآن يَعظم أثرُه على القلب إذا قُرئ بقلب..
فإن قُرئ بلسان لم يَكد يتجاوز أثرُه اللسان!
هذه حقيقة دلت عليها نصوص الكتاب والسنة،
وأقوال سلف الأمة.
فلنجعل من جملة ما نستعد به لرمضان:
أن نتدرب على قراءة القرآن في شعبان قراءةَ قلبٍ يتلقى رسالات الله،
ويعتبر كلَّ آية رسالة من الله، يفتحها بقلبه قبل أن يفتحها من المصحف،
لينظر ماذا يريد الله منه؟
فمن قرأ بهذا المبدأ فإني أقسم بالله غير حانث: لتتغيرنَّ حياتُه ولا بد،
يقول الله عز وجل
: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾
[الحشر: 21]،
ويقول جل وعلا:
﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾
[الرعد: 31] والجواب: لكان هذا القرآن.
وتأمل هذه الكلمة المسدَّدة من الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما الذي عاش مع القرآن؛
لتدرك الفرق بين مَن يقرأ بقلبٍ ومن يقرأ بلسان، قال رحمه الله: "
إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل،
ويتفقدونها فى النهار
"([5]).
وهذه الكلمة تشير إلى معنى آخر،
وهو تفقد القلب بعد قراءة القرآن؛
فتِّش يا أخي وانظر ماذا صنع القرآنُ بقلبك
، فإن وجدت نفسَك لا تزداد إيمانًا،
ولا تترك ما أنت عليه من غفلة أو معصية ظاهرة أو باطنة؛
فتأكد أن قراءتك مدخولة وفيها خلل.
ولو لم يكن من الاستعداد لرمضان إلا هذا لكفى.
6) ومن جملة ما يستعد به الإنسان لرمضان في هذا الشهر ـ شهر شعبان ـ:
أن يكون للعبد خلوات خاصة، يتفرد فيها ليذكر الله تعالى خالياً،
يرقِّق قلبَه، ويستلين له بذكر الله
، وتذكُّر الوقوف بين يديه، والقدوم عليه، ويحاسب نفسه؛
ماذا قدّم فيما سلف؟ وهل الحال التي هو عليها الآن مرْضية؟
وهذه من أفضل الطرق لتليين القلوب وتنقيتها،
وتهذيب النفوس،
لعل الله أن يهيء له قلبًا يتلقى ذاك الشهر العظيم،
ولعل الله أن يفتح عليه بدمعة
فيكون من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله
((ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه)) ([6])
وحين نقول: خلوات، فلا يصح أبدًا،
بل لا تكون خلوة أن تجلس في هذه الخلوة والجوال
عن يمينك أو شمالك!
أو تتشوف أنت للرد على غيرك، بل انقطع تمامًا..
إنما هي سويعة في اليوم تخلو بها؛ لا في رمضان فقط،
بل في كل أيام حياتك،
وستجد لها أثراً عظيماً في حياتك وعمرك كله.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وبسنة خير أنبيائه ...
لشيخ
عمر بن محمد بن مقبل
اللهم بلغنا رمضان، ووفقنا للاستعداد له وتدارك ما انفرط من الأعمار