فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
"•||"قطوف من الحكمة وبحـر الحكايا.".~. | الحكمة والمثل المنقول | |وبريقا من حديث | | القصص | | والروايات | |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||
قصة الجار للجار
خرَجَ رجُلٌ مِنْ دَارِهِ لِيَمْشِي قَليلًا، وفجأةً رأَى في طَرِيقِهِ بقَرةً يَكَادُ يَنْفَجِرُ الحلِيبُ مِنْهَا مِنْ كَثرَةِ خَيْرِها وبَركَتِها، وعندَ رُؤيَةِ هذا المَشْهَدِ تذَكَّرَ هذا الرجُلُ الطيبُ جَارَهُ فَقِيرَ الحَالِ الذي لدَيْهِ* بقرَةٌ ضَعيفَةٌ وصغيرَةٌ لا تُنْتِجُ الحلِيبَ وعندَهُ سبْعُ بَناتٍ، فأَقْسَمَ الرجُلُ أنْ يَشْتَرِيَ هذهِ البقرَةَ ويتصَدَّقُ بها على جارِهِ، قَائِلًا في نَفْسِهِ:* قالَ اللهُ تعالى: "لَنْ تَنالُوا البرَّ حتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ".
وفِعْلًا اشْتَرَى البقرَةَ وأخَذَها إلَى بَيْتِ جَارِهِ، فرَأى الفرَحَ والسرُورَ على وجْهِهِ، فَشكَرَهُ الجَارُ كَثيرًا على مَعْرُوفِهِ هذَا. وبعدَ مُرُورِ عِدةِ أشْهُرٍ جاءَ الصيْفُ وتَشَقَّقَتِ الأرضُ مِنْ شِدَّةِ الجفَافِ، وكانَ الرجُلُ مِنَ البدْوِ يرْتَحِلُ مِنْ مَكانٍ إلى مَكانٍ بَحْثًا عنِ الطعَامِ والمَاءِ، ومنْ شدَّةِ الحرِّ والعَطَشِ لَجَأَ الرجُلُ في يومٍ إلى الدُّحولِ، وهي حُفَرٌ في الأرضِ تُوصِّلُ إلى مَحابِسَ مَائيَّةٍ لهَا فَتحَاتٌ فَوْقَ الأرضِ ويَعْرِفُها البدْوُ جَيدًا، دخَلَها الرجُلُ وحيدًا، ووَقَفَ أوْلادُهُ ينْتَظِرُونَهُ في الخارِجِ، وفجأةً ضَلَّ الرجُلُ طَريقَهُ ولَمْ يَسْتَطِعِ الخُروجَ مَرَّةً أخْرَى، وبعدَ انْتِظَارِ أوْلادِهِ طَويلًا أيْقَنُوا أنَّهُ مَاتَ أو لَدَغَهُ ثُعبانٌ أو تَاهَ تحْتَ الأرضِ وهَلَكَ. كانَ أولادُهُ ينْتَظِرُونَ هَلاكَ أبِيهِمْ لِيَقْتَسِمُوا مَالَهُ فيمَا بَيْنَهُم، فَأَسْرَعُوا إلى المنْزِلِ وأخَذُوا المِيرَاثَ، ثم فَكَّرَ أوْسَطُهُمْ وقالَ لإخْوَتِهِ: هلْ تتَذَكَّرُونَ البقَرَةَ التي أعْطَاهَا أبَانَا لِجَارِنَا؟ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا وهيَ مِلْكٌ لنَا.فذَهَبُوا لِيأْخُذُوا البقَرَةَ، فقالَ الجَارُ: لقَدْ أهْدَاهَا لي أبَاكُم وأنَا أَسْتَفِيدُ مِنْ لَبَنِهَا أنَا وبَنَاتِي. فقَالُوا لَهُ: أَعِدْ لَنا بَقَرَتَنَا وخذْ هذا الجَمَلَ الصغيرَ بَدَلًا عنْها وإلَّا أخَذْنَاهَا بالقُوَّةِ وحينَهَا لَنْ نعْطِيَك أي شي في المقابل فهَدَّدَهُمُ الرجُلُ قَائِلًا: سَوْفَ أشْكُوكُمْ إلى أبِيكُم.فرَدَّ الأبناءُ في سُخْرِيَةٍ: اشْكُ إلى مَنْ تَشاءُ فإنَّهُ قَدْ مَاتَ. فَزِعَ الرجُلُ وسألَهُمْ: كيْفَ مَاتَ ولا أدْرِي؟ فقالُوا لَهُ: دَخَلَ دَحْلًا في الصحرَاءِ ولَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ حتى اليوْم. فقالَ الرجُلُ: دُلُّونِي على طَرِيقِ هذا الدحْلِ وخُذُوا بَقرَتَكُم ولا أُرِيدُ مِنْكُم شَيْئًا. و عندَمَا وَصَلَ الرجُلُ إلى مَكانِ الدَّحْلِ ربَطَ حبْلًا في وَسَطِهِ وأوْصَلَهُ إلى خَارِجِ الدحْلِ، وأوْقَدَ نَارًا ونزَلَ داخِلَ الدحْلُ وأخَذَ يمْشِي حتى بَدَأَ يسْمَعَ أنِينًا خَافِتًا، فمَشى باتِّجَاهِهِ حتَّى وجَدَ رَجُلًا حيًّا يتَنَفَّسُ، فأخَذَهُ وربَطَهٌ معَهُ إلى خَارِجِ الدحْلِ، وسَقَاهُ حتى دَبَّتِ الحيَاةُ في الرجُلِ مِنْ جَديدٍ، فحَمَلَهُ إلى دَارِهِ، كُلُّ هذا وأولادُهُ لا يَعْلَمُونَ شَيئًا. تعَجَّبَ الجَارُ مِنْ أمْرِ الرجُلِ وسألَهُ كَيْفَ ظَلَّ أسْبُوعًا تحْتَ الأرْضِ حَيًّا ولَمْ يَمُتْ، فقَالَ الرجُلُ: دَخَلْتُ إلى الدحْلِ ووجَدْتُ المَاءَ ولكِنِّي ضَلَلْتُ الطرِيقَ ولَمْ أَستَطِعِ العوْدَةَ، فأخَذْتُ أشْرَبُ منَ الماءِ لمُدَّةِ ثَلاثَةِ أيامٍ، وقَدْ بَلَغَ مِنِّي الجُوعُ مَبْلَغَهُ، فَاسْتَلْقَيْتُ على ظَهْرِي وسَلَّمْتُ أمْرِيَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، وإذَا بِي فجأةً أشْعُرُ بِلَبَنٍ بارِدٍ يتدَفَّقُ على لِسانِي مِنْ إنَاءٍ عَالٍ لا أرَاهُ في الظلامِ، وكانَ هذَا الإناءُ يأتِينِي ثلاثَ مَرَّاتٍ كلَّ يوْمٍ، ولكنَّهُ انْقَطَعَ منْذُ يومَيْنِ فَجأةُ ولَا أعْرِفُ سبَبَ انْقِطَاعِهِ. فأخْبَرَهُ الرجُلُ عَنْ سَبَبِ انْقِطَاعِهِ، وهوَ أنَّ أبْنَاءَهُ جَاءُوا وأخَذُوا منْهُ البقَرَةَ التي أعْطَاهَا لَهُ منْ قبلُ، وكمَا قالَ : صنَائِعُ المَعرُوفِ تَقِي مَصارِعَ السوءِ. |
06-06-2024 | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: قصة الجار للجار
|
|
|