العلاّمة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. رحمه الله تعالى
إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه و نستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من
سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له .
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد و لم يولد ، و لم
يكن له كفواً أحد ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله ، أفضل خلق الله ، إمام المهتدين
، و خاتم المرسلين .
أما بعد :
حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثوانا و مثواكم
لا يخفى على أحد منا أهمية العلماء و فضلهم .. فهم منارات الأرض و ورثة الأنبياء ،
رد: العلاّمة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. رحمه الله تعالى
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهـم ~ على الهدى لمن استهدى أدلاّء
وقد كلّ امرئ ما كان يحسنه ~ والجــاهــلون لأهل العلم أعداء
ففــز بعلــم تعــش حياً به أبداً ~ الناس موتى وأهل العلم أحيـاء
فمن هذه الأدلة نستنبط فضل العلماء و أهمية الأقتداء بهم فهم ورثة الأنبياء وما دام
العلماء لهم هذه المنزلة الرفيعة والمكانة العلية ، فحريٌّ بنا أنْ نعرف لمحةً عن
حياتهم الطاهرة و عن أخبارهم الرائعة و كبف استطاعوا التغلب على مشاق الحياة
بالهمة الصادقة و العزيمة العالية ... لنقتدي بهم و نتعلم منهم ديننا الأسلامي الحنيف.
رد: العلاّمة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. رحمه الله تعالى
~ يتبع ~
نـــبــــدأ عـــــلـــــى بـــركـــة الله
العلاّمة الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز (رحمه الله)
1330 هـ - 1420 هـ
الشيـخ لا بــل قلعة العلم التي ... مـلأت بـرأي صائـب و بيـــــــان
هو قلعة العلـم التي بنيت على ... ثقـةٍ بعـون الخالـق المنــــــانِ
هو قلعــة ضلــت تحـاط بروضة ... خضــراء من ذكر ومـن قـــــرآنِ
صـــان الإلـــه بهـا عقيـدة أمــة ... فـي عصرنا المتذبذب الحيــرانِ
---
كفيف و أبصر جسر النجاة ... و كم من بصير أضاع الجسور
هو الإمام الصالح الورع الزاهد أحد الثلة المتقدمين بالعلم الشرعي العلامة
عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز ولد في ذي الحجة
سنة 1330هـ بمدينة الرياض،كان بصيرا ثم أصابه مرض في عينيه عام 1346هـ
وضعف بصره ثم فقده عام 1350هـ،حفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ ثم جد في
طلب العلم على العلماء في الرياض ولما برز في العلوم الشرعية واللغة عين في
القضاء عام 1350هـ ،لازم البحث والتدريس ليل نهار ولم تشغله المناصب عن ذلك مما
جعله يزداد بصيرة ورسوخا في كثير من العلوم.
نشأ سماحة الشيخ عبد العزيز في بيئة عطرة بأنفاس العلم والهدى والصلاح، بعيدة
كل البعد عن مظاهر الدنيا ومفاتنها، وحضاراتها المزيفة، إذ الرياض كانت في ذلك
الوقت بلدة علم وهدى فيها كبار العلماء، وأئمة الدين، من أئمة هذه الدعوة المباركة
التي قامت على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأعني بها دعوة
الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - وفي بيئة غلب عليها الأمن
والاستقرار وراحة البال، بعد أن استعاد الملك عبد العزيز - رحمه الله - الرياض ووطد
فيها الحكم العادل المبني على الشرعة الإسلامية السمحة بعد أن كانت الرياض
تعيش في فوضى لا نهاية لها.
ففي هذه البيئة العلمية نشأ سماحته - حفظه الله - ولا شك ولا ريب أن القرآن
العظيم كان ولا يزال - ولله الحمد والمنة - هو النور الذي يضيء حياته، وهو عنوان
الفوز والفلاح فبالقرآن الكريم بدأ الشيخ دراسته - كما هي عادة علماء السلف
- رحمهم الله - إذ يجعلون القرآن الكريم أول المصادر العلمية - فيحفظونه ويتدبرونه
أشد التدبر، ويعون أحكامه وتفاسيره، ومن ثمَّ ينطلقون إلى العلوم الشرعية الأخرى،
فحفظ الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب قبل أن يبدأ مرحلة البلوغ، فوعاه وحفظه
تمام الحفظ، وأتقن سوره وآياته أشد الإتقان، ثم بعد حفظه لكتاب الله، ابتدأ سماحته
في طلب العلم على يد العلماء بجد وجلد وطول نفس وصبر.
وإن الجدير بالذكر والتنويه في أمر نشأته، أن لوالدته - رحمها الله - أثرا بالغا، ودورا
بارزا في اتجاهه للعلم الشرعي وطلبه والمثابرة عليه، فكانت تحثه وتشد من أزره،
وتحضه على الاستمرار في طلب العلم والسعي وراءه بكل جد واجتهاد كما ذكر ذلك
سماحته في محاضرته النافعة - رحلتي مع الكتاب - وهي رحلة ممتعة ذكر فيها
الشيخ في نهاية المحاضرة، وبالخصوص في باب الأسئلة بعض الجوانب المضيئة من
حياته - فاستمع إلى تلك المحاضرة غير مأمور .
ولقد كان سماحة الشيخ / عبد العزيز - رحمه الله - مبصرا في أول حياته، وشاء الله
لحكمة بالغة أرادها أن يضعف بصره في عام 1346 هـ إثر مرض أصيب به في عينيه
ثم ذهب جميع بصره في عام 1350 هـ، وعمره قريب من العشرين عاما؛ ولكن ذلك
لم يثنه عن طلب العلم، أو يقلل من همته وعزيمته بل استمر في طلب العلم جادا
مجدا في ذلك، ملازما لصفوة فاضلة من العلماء الربانيين، والفقهاء الصالحين، فاستفاد
منهم أشد الاستفادة، وأثّروا عليه في بداية حياته العلمية، بالرأي السديد، والعلم
النافع، والحرص على معالي الأمور، والنشأة الفاضلة، والأخلاق الكريمة، والتربية
الحميدة، مما كان له أعظم الأثر، وأكبر النفع في استمراره.
على تلك النشأة الصالحة، التي تغمرها العاطفة الدينية الجياشة، وتوثق عراها حسن