الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد: هذا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه يؤتى له بأسير من الفجار من بني حنيفة، فيؤخذ الأسير ويوضع في المسجد ويمر به النبي صلوات الله وسلامه عليه، والأسير اسمه ثمامة بن أثال فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم : (ما عندك يا ثمامة؟ قال: إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تطلب المال فخذ منه ما شئت، وإن تعفو. تعفو عن شاكر)، هذا أنا: إن قتلتني فقد قتلت منكم قبل ذلك فلك حق أن تقتلني، وإن تعفو. تعفو عن شاكر، وسأعرف لك جميلك وأعرف لك صنيعك، وإن تطلب المال فاطلب منه ما شئت، فلم يطمع النبي صلوات الله وسلامه عليه في ماله، وإنما كان يحب أن يسلم الرجل، وأمرهم أن يطعموا الأسير ثم تركه، ومر به مرة أخرى، فقال: (ما عندك يا ثمامة؟ قال: هو ما قلت لك: إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن ترد المال فاطلب منه ما شئت، قال النبي صلى الله عليه وسلم : أطلقوا ثمامة). لم يطلب منه مالاً ولم يقتله صلوات الله وسلامه عليه، بل أنعم عليه وتركه يذهب كافراً، فخرج ثمامة حتى إذا توارى اغتسل ورجع يظهر ويعلن إسلامه رضي الله تعالى عنه، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أخذت وقد كنت متوجهاً معتمراً إلى الكعبة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب ويعتمر، فلما ذهب إلى هنالك كان قلبه قد امتلأ بحب النبي صلوات الله وسلامه عليه، وحب هذا الدين، فقابله المشركون بقولهم: صبأت يا ثمامة ؟ قال: بل أسلمت مع محمد صلوات الله وسلامه عليه، والله لا تأتيكم حبة حنطة ولا شعير من اليمامة إلا بموافقة محمد صلوات الله وسلامه عليه، دخل الإيمان قلبه، ولم يجبره النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام، بل أطلق سراحه وعفا عنه، فامتلأ قلب الرجل حباً للنبي صلوات الله وسلامه عليه. أيها المؤمنون! وكيف لا تمتلئ قلوب المسلمين بحب النبي صلوات الله وسلامه عليه وقد شاهدوا من فضله وكرمه، وحسن خلقه وتنفيذه لأمر ربه، وتواضعه صلوات الله وسلامه عليه؟! كيف لا تمتلئ قلوبهم حباً له صلوات الله وسلامه عليه ودفاعاً عن دينه وقد رأوا كيف دافع عن دين رب العالمين حتى استقر هذا الدين ودخل في القلوب، فبلغ صلوات الله وسلامه عليه وأقر الحقوق، وأعطى الواجبات صلوات الله وسلامه عليه؟! قام في الناس مرة يسوي صفوفهم فإذا برجل يبرز صدره من بين الصفوف ومع النبي صلى الله عليه وسلم عصا صغيرة، فأشار بها إلى بطن الرجل ليرجعه، فإذا بالرجل يقول: (أوجعتني يا رسول الله! قال: فاستقد)، ظن أنه فعلاً أوجعه وما أوجعه صلوات الله وسلامه عليه، كيف يوجعه وهو يسوي الصف الذي فيه هذا الرجل؟ ثم كشف عن بطنه ليستقد الرجل، وليضرب بطن النبي صلى الله عليه وسلم كما زعم، فإذا بالرجل يخفض رأسه ويقبل النبي صلوات الله وسلامه عليه ويقول: هذا ما أردت، لم توجعن يا رسول الله، ولكن أردت أن أقبلك، هذا حب النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب المؤمنين، ليس حباً ساقهم إليه النفاق، كلا والله، وإنما حب ساقهم إليه رب العالمين سبحانه بحسن خلقه، بطيبة قلبه، بلينه قال الله: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ [آل عمران:159]، لذا دخل حبه قلوبهم صلوات الله وسلامه عليه، فنصروا دينه صلوات الله وسلامه عليه. هذا رجل أعمى في عهد النبي صلوات الله وسلامه عليه، كانت امرأته يهودية وكانت به رحيمة، وكان له منها أولاد، وكانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ينهاها فلا تنتهي، وفي يوم من الأيام وجدوا هذه المرأة قتيلة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم من قتلها؟ فإذا بالرجل يقول: يا رسول الله! أنا قتلتها، كانت زوجتي، وكنت أحبها، وكانت بارة بي رحيمة، ولكنها كانت تقع فيك فتركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقم عليه حداً. فهؤلاء حب النبي صلى الله عليه وسلم قد ملأ قلوبهم.
دفاع الصحابة والتابعين وعلماء الأمه عن أمنا أم المؤمنين (عائشة رضي الله عنها)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله على خاتم أنبيائه محمد وآله وصحبه وسلم.
وبعد إني لا اعلم أن هذا جهد مقل ومقصر لكن أحببت أن أشارك في هذا الذب _لعلى أفوز مع إخوتي بالأجر_ عن أمنا أم المؤمنين أم عبد الله عائشة بن الصديق صاحبة المناقب العالية وهي أمنا الغالية العتيقة بنت العتيق، حبيبة الحبيب، وأليفة القريب، سيد المرسلين محمد الخطيب، المبرأة من العيوب، المعراة من ارتياب القلوب، ..، عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، كانت للدنيا قالية، وعن سرورها لاهية، وعلى فقد أليفها باكية.(حلية الأولياء) فهي من أوعية السنة، وقد رفع الله شأنها وأعلى ذكرها وأنزل الله براءتها فيما رميت فيه من الإفك في آيات تتلى من سورة النور، ومع ما أعطاها الله عز وجل من الفضل وما أكرمها به من الرفعة كانت تتواضع لله عز وجل، (شرح سنن أبي داود الشيخ عبد المحسن العباد) حصانٌ رزانٌ ما تزنّ بريبةٍ ... وتصبح غرثى من لحومٍ الغوافل فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم ... فلا رفعت سوطي إليّ أناملي وكيف وودّي من قديمٍ ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل فإنّ الّذي قد قيل ليس بلائطٍ ... ولكنّه قول امرئٍ بي ما حل
(فقد) استأذن ابن عباس رضي الله عنهما على عائشة رضي اللّه عنها وهي تموت، فقال: كنت أحبّ نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يحبّ إلا طيّباً، وأنزل اللِّهُ براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد اللّه يذكر فيها، إلا وهو يتلى فيها آناء الليل وآناء النهار. (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية)
(كيف لاوهي )أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: قال فيها الذهبي في السير (2/140): ((...ولَم يتزوَّج النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكراً غيرها، ولا أحَبَّ امرأةً حُبَّها، ولا أعلمُ في أُمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - ـ بل ولا في النساء مطلقاً ـ امرأةً أعلمَ منها)). وفي السير أيضاً (2/181) عن عليِّ بن الأقْمَر قال: ((كان مسروق إذا حدَّث عن عائشة قال: حدَّثتنِي الصِّدِّيقةُ بنتُ الصِّدِّيق، حبيبةُ حبيبِ الله، المُبرَّأةُ من فوق سبع سماوات، فلَم أكذبها)). وذكر ابن القيم في جلاء الأفهام (ص:351 ـ 355) جملةً من خصائصها، مُلخَّصُها: ((أنَّها كانت أحبَّ الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّه لَم يتزوَّج بِكراً غيرها، وأنَّ الوحيَ كان ينزل عليه وهو في لِحافِها، وأنَّه لَمَّا نزلت عليه آيةُ التَّخيير بدأ بها، فخيَّرها، فاختارت اللهَ ورسولَه، واستنَّ بها بقيَّةُ أزواجِه، وأنَّ اللهَ برَّأها بِما رماها به أهلُ الإفك، وأنزل في عُذرِها وبراءَتِها وَحْياً يُتلَى في محاريب المسلمين وصلواتِهم إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنَّها مِن الطيِّبات، ووعدها المغفرةَ والرِّزقَ الكريم، ومع هذه المنزلة العليَّة تتواضعُ لله وتقول: (ولَشأنِي في نفسي أهونُ مِن أن يُنزل الله فِيَّ قرآناً يُتلى)، وأنَّ أكابرَ الصحابةِ رضي الله عنهم إذا أشكل عليهم الأمرُ من الدِّين استفتَوْها، فيجِدون علمَه عندها، وأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي في بيتها، وفي يومِها، وبين سَحْرِها ونَحرِها، ودُفن في بيتِها، وأنَّ المَلَكَ أَرَى صورتَها للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتزوَّجها في سَرَقة حرير، فقال: (إن يكن هذا من عند الله يُمضِه)، وأنَّ الناسَ كانوا يَتحرَّونَ بهداياهم يومَها مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيُتحِفونَه بما يُحبُّ في منزلِ أحبِّ نسائه إليه رضي الله عنهم أجمعين)). (فضل أهل البيت وعلو مكانتهم عند أهل السنة والجماعة) (لذا كان )مَسْرُوقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ حَبِيبَةُ اللَّهِ الْمُبَرَّأَةُ مِنْ فوق سبع سموات, قَالَ الذَّهَبِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ
ويقول ابن كثير في "البداية والنهاية" (8/95). وقد أجمع العلماء على تكفير من قذفها بعد براءتها، واختلفوا في بقية أمهات المؤمنين، هل يكفر من قذفهن أم لا ؟ على قولين، وأصحهما أنه يكفر، لان المقذوفة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى إنما غضب لها لانها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي وغيرها منهن سواء. ومن خصائصها رضي الله عنها أنها كان لها في القسم يومان يومها ويوم سودة حين وهبتها ذلك تقربا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه مات في يومها وفي بيتها وبين سحرها ونحرها، وجمع الله بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا، وأول ساعة من الآخرة، ودفن في بيتها. وقد قال الامام أحمد: حدثنا وكيع عن إسماعيل عن مصعب بن إسحاق بن طلحة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: " إنه ليهون علي أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة " تفرد به أحمد. وهذا في غاية ما يكون من المحبة العظيمة أنه يرتاح لانه رأى بياض كفها أمامه في الجنة. ومن خصائصها أنها أعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي أعلم النساء على الاطلاق. قال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواجه، وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل. وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال عروة: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة، ولم ترو امرأة ولا رجل غير أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاحاديث بقدر روايتها رضي الله عنها، وقال أبو موسى الاشعري: " ما أشكل علينا أصحاب محمد حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما ". رواه الترمذي، وقال أبو الضحى عن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب محمد الاكابر يسألونها عن الفرائض. فأما ما يلهج به كثير من الفقهاء وعلماء الأصول من إيراد حديث: " خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء " فإنه ليس له أصل ولا هو مثبت في شئ من أصول الإسلام، وسألت عنه شيخنا أبا الحجاج المزي فقال: لا أصل له. ثم لم يكن في النساء أعلم من تلميذاتها عمرة بنت عبد الرحمن، وحفصة بنت سيرين، وعائشة بنت طلحة. وقد تفردت أم المؤمنين عائشة بمسائل عن الصحابة لم توجد إلا عندها، وانفردت باختيارات أيضا وردت أخبار بخلافها بنوع من التأويل. وقد جمع ذلك غير واحد من الائمة، فمن ذلك قال الشعبي: كان مسروق إذا حدث عن عائشة قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول الله المبرأة من فوق سبع سموات.
أُمّ عَبْدِ اللّهِ عَائِشَةَ الصّدّيقَةَ بِنْتَ الصّدّيق ِ الْمُبَرّأَةَ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ حَبِيبَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصّدّيقِ وَعَرَضَهَا عَلَيْهِ الْمَلَكُ قَبْلَ نِكَاحِهَا فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَقَالَ هَذِهِ زَوْجَتُك تَزَوّجَ بِهَا فِي الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَعُمْرُهَا تِسْعُ سِنِينَ وَلَمْ يَتَزَوّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا وَمَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ غَيْرَهَا وَكَانَتْ أَحَبّ الْخَلْقِ إلَيْهِ وَنَزَلَ عُذْرُهَا مِنْ السّمَاءِ وَاتّفَقَتْ الْأُمّةُ عَلَى كُفْرِ قَاذِفِهَا وَهِيَ أَفْقَهُ نِسَائِهِ وَأَعْلَمُهُنّ بَلْ أَفْقَهُ نِسَاءِ الْأُمّةِ وَأَعْلَمُهُنّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَكَانَ الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَرْجِعُونَ إلَى قَوْلِهَا وَيَسْتَفْتُونَهَا . وَقِيلَ إنّهَا أَسْقَطَتْ مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سِقْطًا وَلَمْ يَثْبُتْ . (زاد المعاد في هدي خير العباد) عن عَمْرو بن غالب: أن رجلاً نال من عائشة رضي الله عنها عند عَمَّار بن ياسر، فقال: اعزُبْ مقبوحاً منبوحاً! أتؤذي حبيبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وكان مسروق إذا روى عنها يقول: حدَّثتني الصديقة بِنْت الصديق، البريئة المبرأة. وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض، وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة من أفقه الناس وأحسن الناس رأياً في العامة. وقال عروة: ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، ولو لم يكن لعائشة من الفضائل إلا قصة الإفك لكفى بها فضلاً وعلو مجد، فإنها نزل فيها من القرآن ما يُتلى إلى يوم القيامة. ولولا خوف التطويل لذكرنا قصة الإفك بتمامها، وهي أشهر من أن تخفى. (أسد الغابة)
(وأخير) سنة 58 هـ ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان وفاة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر (رضي الله عنها) أم عبد الله زوجة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأحب أزواجه إليه، المبرأة من فوق سبع سماوات -رضى الله عنها- وعن أبيها، لم يتزوج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكراً غيرها، ولم ينزل عليه الوحي في لحاف امرأة غيرها، ولم يكن في أزواجه أحب إليه منها، وقد أتاه الملك بها في المنام في سرقة من حرير مرتين أو ثلاثا فيقول: هذه زوجتك. ولما تكلم فيها أهل الإفك بالزور والبهتان، غار الله لها فأنزل براءتها في عشر آيات من القرآن تُتلى على تعاقب الأيام. وقد أجمع العلماء على تكفير من قذفها بعد براءتها. مات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في يومها وفي بيتها وبين سحرها ونحرها، وجمع الله بين ريقه وريقها في آخر ساعة من ساعاته في الدنيا، وأول ساعة في الآخرة، ودفن في بيتها. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "إنه ليهون عليّ أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة". تفرد به أحمد. وهذا في غاية ما يكون من المحبة العظيمة أنه يرتاح لأنه رأى بياض كفها أمامه في الجنة. "فرضي الله عنها"
هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان، كناها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم عبد الله.
ولدت في مكة في السنة الثامنة قبل الهجرة. عقد عليها النبي صلى الله عليه وسلم ثم هاجرت مع أسرتها إلى المدينة فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة أواخر السنة الأولى من الهجرة، وهي الوحيدة من نسائه التي تزوجها بكراً، وكانت أحب نسائه إليه، خرجت معه عدة مرات في الغزوات والأسفار، وفي غزوة بني المصطلق تقول عليها بعض المنافقين، فنزلت براءتها في القرآن الكريم في سورة النور، ولما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الأخير، استأذن زوجاته أن تمرضه عائشة في بيتها، فأذن له وبقي عندها حتى توفاه الله ودفن في حجرتها، كما دفن من بعد بجانبه والدها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب. وعندما وقعت الفتنة وقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه كانت في مكة تحج، فلما بلغها الخبر غضبت وطالبت بالقصاص من القتلة، وخرجت مع جمع من الصحابة إلى العراق فتبعها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وجمع من أهل المدينة، ووقعت فتنة بين رجال علي ورجال عائشة، ونشبت معركة قصيرة، وكانت عائشة تركب جملاً فسميت الوقعة بوقعة الجمل. عادت بعدها عائشة معززة مكرمة إلى المدينة، وعاشت فيها بقية عمرها. يرجع إليها الناس ويسألونها عن أمور دينهم وعن جوانب السيرة النبوية فتخبرهم بما رأته وسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أفقه نسائه وأكثرهن علماً وكانت تحفظ من أشعار العرب وأخبارهم الكثير، اشتهرت بالفصاحة والبلاغة، وكثرة الصوم والتهجد والصدقات. توفيت عام ست وخمسين ودفنت بالبقيع.
أمنا عائشه أم المؤمنين ..وحبيبة رسول العالمين ..المطهرة بآيات الكتاب المبين .. وأن من قذفها ولم يتب فهو في جهنم من الخالدين ..قاتلهم الروافض الحاقدين ..
ومن منطلق حملة الدفاع عن أمنا عائشه رضي الله عنها وارضاها .. وددت ان اقدم عملا ادافع به عنها ..
هي زهرة نبتت في شجرة مباركه رسخت جذورها في الأرض وارتفعت غصنها في السماء حتى كاد أن يعانق كواكب الجوزاء..
تلكم الزهرة النقية التي ملأت الكون كله علما وفقها وزهدا وورعا ..
إنها أحب الناس إلى قلب النبي صلى الله عليه وسلم بعد أبيها ..إنها التي رضعت لبان الصدق من أبويها وتغذت على مائدة النبوة المحمديه ..إنها الطاهره المطهره التي أنزل الله براءتها من فوق سبع سماوات إنها التقيه الورعه الزاهده عائشه بنت أبي بكر رضي الله عنها ..
* في رحـــــاب المكارم *
*زوجها هو سيد المرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين .
* أبوها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه الذي لم تطلع الشمس على بشر بعد الأنبياء والمرسلين أفضل منه .. إنه ثاني اثنين .. إنه أحب الناس الى قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام ..
* أمها هي الصحابيه الجليله أم رومان بنت عامر تلكم الصحابيه الجليله التي قدمت الكثير لخدمة هذا الدين .
* أختها لأبيها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ذات النطاقين .
* زوج أختها هو حواري الرسول عليه الصلاة والسلام وابن عمته وأحد العشرة المبشرين بالجنه وأول من سل سيفا في سبيل الله .. إنه الزبير بن العوام .
* وجدها لأبيها أبو قحافه الذي أسلم ونال شرف صحبة النبي عليه الصلاة والسلام .
* وجدتها لأبيها أم الخير سلمى بنت صخر التي أسلمت ونالت شرف الصحبة .
* عماتها الثلاث من الصحابيات وهن أم عامر , وقريبة, وأم فروة بنات أبي قحافة .
* أما شقيقها عبدالرحمن فهو من الشجعان والرماة المذكورين .
فتلك هي الشجرة المباركة التي خرجت عائشة من جذورها وعاشت بين أغصانها.. فكانت زهرة نادرة في دنيا الناس .
* هذه زوجتك في الدنيا والآخره *
ولقد كان زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشه رضي الله عنها وارضاها بوحي من السماء فلقد رآها في منامه ثلاث ليال وكان جبريل عليه الصلاة والسلام يأتيه بصورتها ويقول له : هذه زوجتك في الدنيا والآخره .. ويالها من كرامة عظيمة لأمنا عائشة رضي الله عنها .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يارسول الله : أرأيت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أُكل منها , ووجدت شجراً لم يؤكل منها في أيها كنت ترتع بعيرك ؟ قال : " في الذي لم يُرتع منها " تعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكرا غيرها .
* عائشة في البيت النبوي *
كانت السعادة ترفرف على بيوت النبي صلى الله عليه وسلم على الرغم من حياة التقشف التي عاشعا النبي وأهله
وكانت عائشه رضي الله عنها تحب الرسول صلى الله عليه وسلم وترجو أن يكون لها ولد منه , كما كان لخديجة , ولكن الأيام مرت دون أن تنجب إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : اكتنى بابن أختك عبدالله بن الزبير فكانت كنيتها أم عبدالله .
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغذيها بالحكمة والأخلاق ولايحرمها أبداً من أن تتعايش مع متطلبات سنها الصغير فكان يتركها تلعب بالعرائش وكان يرسل اليها اترابها لكي يلعبن معها لتشعر بالسعادة والسرور .
وقد كانت الحبيبة تغار على عليه غيرة شديدة وقد قالت : كنت أغار على اللاتي وهبن انفسهن لرسول الله واقول أتهب المراة نفسها ؟ فاما نزل قوله تعالى : [ تُرجى من تشآء منهن وتؤى إليك من تشآء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ] قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك .
* مكانتها في قلب النبي عليه الصلاة والسلام *
لقد كانت عائشة رضي الله عنها تحتل مكانة عالية في قلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
فما تزوج بكراً سواها وأحبها حباً شديداً كان يتظاهر به حيث انه سئل أي الناس أحب اليك يارسول الله ؟ قال ( عائشة ) قال فمن الرجال : قال ( أبوها )
وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض , وما كان ليحب إلا طيباً وقد قال : ( لو كنت متخذاً خليلاً من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام أفضل )
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يارسول الله مَنْ مِنْ أزواجك في الجنة ؟ قال : " أما إنك منهن " فخيل إلي أن ذاك لأنه لم يتزوج بكراً غيري .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي رسول صلى الله فقال : ما يبكيك ؟ قلت سبتني فاطمة فدعا فاطمة فقال : " يافاطمة سببت عائشة ؟ قالت نعم يارسول الله قال : " أليس تحبين من أحب ؟ قالت نعم , قال: وتبغضين من أبغض ؟ قالت بلى : فاني أحب عائشة فأحبيها قالت فاطمة : لاأقول لعائشة شيئا يؤذيها أبداً .
* زهد عائشة وإنفاقها رضي الله عنها *
لقد نشأت رضي الله عنها في بيت ابيها الصديق فتعلمت الزهد منه ..
فقد قالت رضي الله عنها توفي رسول الله وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي , فأكلت منه حتى طال علي فكلته ففني . متفق عليه .
وعن عروة قال : { كانت عائشة رضي الله عنه لاتمسك شيئا مما جاءها من رزق الله تعالى إلا تصدقت به }
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : جاءتني امرأة معها ابنتان تسألني فلم تجدي عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها فقسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت , فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال : { من يلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار }
هي معلمة الرجال ، الصديقة بنت الصديق ، خليفةرسول الله صلى الله عليه وسلم
، بنت أبي بكر عبد الله بن أبي قحافةعثمان بن عامر ، القرشية التيمية ، المكية أمالمؤمنين
◄ زوجة سيد ولد آدم وأحب نسائه إليه►
وابنة أحب الرجال إليه المبرأة من فوق سبع سماوات .
تتلمذت وتخرجت من مدرسة النبوة ، فقد تولاها في طفولته اشيخ المسلمين أبوها الصديق ،
ورعاها في شبابها نبي البشرية ومعلمها ..
وكان تزويجه صلى الله عليه وسلم بها بأمر من الله عزوجل إثر وفاةخديجة رضي الله عنها
فتزوج بها وبسودة بنت زمعة رضي الله عنهما في وقت واحد
، ولكنه دخل بسودة وتفرد بها ثلاثة أعوام حتى بنى بعائشة في شوال بعد وقعة بدر ،
وانتقلت العروس الصغيرة على بيت النبوة ،
الذي كان عبارة عن حجرة من الحجرات شيدت حول المسجد من اللبن وسعف النخيل ،
وقد وضع فيه فراش من أدم حشوه ليف ، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير
وعلى فتحة الباب أسدل ستاراً من الشعر ..
◄ حبه صلى الله عليه وسلم لهـــا►
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على جيش ذات السلاسل ،
قال :فأتيته فقلت : يارسول الله ، أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : من الرجال ؟ قال : أبوها ))
رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ..
◄وكانت خير زوجة صبرت مع الرسول الكريم على الفقروالجوع►
حتى كانت تمر الأيام الطويلةوما يوقد في بيت رسول الله نار لخبز أو طبيخ ،
وإنما كانا يعيشان على الأسودين التمر والماء .
ولما أقبلت الدنيا على المسلمين أتيت مرة بمائة ألف درهم وكانت صائمة ففرقتها كلها ،
وليس في بيتها شئ . فقالت لها مولاتها :أما استطعت أن تشتري بدرهم لحماً تفطرين عليه ؟
قالت : لو كنتذكرتيني لفعلت .
فكانت مرجع الرجال في تلقي العلم والبلاغة ومرجعاًلهم في الحديث والسنة والفقه ،
فقال الزهري : " لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل " ..
◄وعن تدينهاوعلمها►
وقال هشام بن عروةعن أبيه قال
: " لقد صحبت عائشة ، فما رأيت أحداً قط كان أعلم بآيةأنزلت ، ولا بفريضة ، ولا بسنة ،
ولا بشعر ، ولا أروى له ،ولا بيوم من أيام العرب
، ولا بنسب ولا بكذا ولا بكذا ولا بقضاء ولا طب منها فقلت لها : يا خالة الطب من أين علمته ؟ ،
فقالت : كنت أمرض فينعت لي الشئ ، ويمرض المريض فينعت له ،
واسمع الناس بعضهم لبعض فأحفظه"
وعن مسروق قال
: قلنا له : هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال : " والله لقد رأيت أصحاب محمد الأكابر
يسألونها عن الفرائض
ومع هذاكله كانت رضي الله عنها تغار ،
بل من أشد نساء النبي صلى الله عليهوسلم غيره عليه . وهذه من طبيعة المرأة ،
ولكن غيرتها مقبولة مهذبة لم تصل إلى حد التسويغ لها بإيذاء الضرائر " ..
فعندما مرض رسول الله بعدعودته من حجة الوداع كان يقول وهو يطوف على نسائه متسائلاً
: أين أنا غداً ؟
.. أين أنا بعد غدٍ ؟ ، استبطاء ليوم عائشة ، فطابت نفوس بقيةأمهات المؤمنين
رضي الله عنهن جميعاً : بأن يمرض
رسول الله صلىالله عليه وسلم حيث أحب ، وقُلن جميعاً : يارسول الله قد وهبنا أيامنا لعائشة ..
وانتقل حبيب الله إلى بنت الحبيبة ، فسهرت تمرضه ، فداك أبي وأمي يارسولالله ..
وحانت لحظة الرحيل ورأسه الشريفة على حجرها ..
◄قالت أم المؤمنين تصف اللحظة الرهيبة►
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، وفي يومي وفي ليلتي وبين سحري ونحري
، ودخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب ، فنظر إليه حتى ظننت أنه يريده ،
فأخذته فمضغته ونفضته وطيبته ، ثم دفعته إليه ،
فاستن به كأحسن ما رأيته مستناً قط ، ثم ذهب يرفعه إليَّ
، فسقطت يده ، فأخذت أدعو الله له بدعاء كان يدعو به له جبريل ،وكان هو يدعو به إذا مرض .
فلم يدع به في مرضه ذاك ،
فرجع بصره إلى السماء وقال : (( الرفيق الأعلى )) وفاضت نفسه
فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه في آخر يوم من الدنيا ..
ودفن صلى الله عليه وسلم حيث قبض في بيتها ، وعاشت بعده تعلم الرجال والنساء ،
وتشارك فيصنع التاريخ إلى أن وافتها المنية
ليلة الثلاثاء لسبع عشرة من رمضان سنة سبع وخمسين وهي في السادسة والستين من عمرها
كيد أعداء الدين للمسلمين هذا الدين العظيم الذي دخل فيه الخلق مطيعين لرب العالمين سبحانه، محبين له حتى تغيظ أعداء الدين منهم حين وجدوهم قد فتحوا الدنيا، وفتحوا القلوب فدخل الناس في دين الله أفواجاً. تغيظ اليهود، وتغيظ المشركون أهل الأحقاد والحسد، فساد الإسلام والمسلمون، ووجدوا المسلمين متمسكين بكتاب ربهم وبسنة نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، يدافعون عن دينهم، فقاموا يكيدون لهم، فإذا بهم يدخلون مداخل شتى حتى يبعدوا المسلمين عن إسلامهم، ويصيروا الإسلام قشوراً بدون لباب، ويجعلوا الإسلام مظاهر من غير بواطن. إذا بهم يدفعون المسلمين إلى العري، وإلى الجنس، والبعد عن دين رب العالمين، ودعاوى جاهلية، يقولون بالحرية التي سنها اليهود لعنة الله عليهم، ابحث عن كل مصيبة في الدنيا تجد وراءها اليهود، فهم يقبحون أديان رب العالمين سبحانه، وكيف لا يفعلون وهم الذين أفسدوا توراتهم، وتنكروا لموسى بل لربهم سبحانه وتعالى. أليس هم الذين عبدوا العجل من دون الله كما قال الله: فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ [طه:88]؟! وكأن موسى نسي إلهه وذهب يبحث عنه وهم قد عرفوا الإله في هذا الجماد، في تمثال بقرة صنعه لهم السامري من ذهب قد أخذوه من حلي لفرعون وقومه. هؤلاء اليهود الذين كرهوا دين رب العالمين، وأرادوا أن يضعوا الحواجز بين المسلمين وبين دينهم، فسيطروا بأموالهم على وسائل الإعلام في الدنيا حتى استطاعوا أن يحولوا دولاً، وأن يغيروا سياسات، وأن يلعبوا ببنوك وحكام من الكفار والمسلمين، ويفسدوا ما يشاءون حتى يعلو هم ومن يريدون في الأرض بالفساد وبالإفساد. فتجدهم يدبرون للمسلمين كل مصيبة حتى يبعدوهم عن دينهم بالمال تارة، وبالجنس أخرى، وبغير ذلك من أعمال وبلاء بلغ بهم أطواراً فيفعلون ما يحلوا لهم، ويجدون من يقف مدافعاً عنهم. استطاعوا أن يدخلوا إلى ديار الذين يحكمون بلاد الكفر بل وبلاد الإسلام، فإذا بهم يفعلون ما يحلوا لهم من أشياء، ويزعمون أنهم مستضعفون في الدنيا كلها ويصدقهم الناس، فإذا تجرأ أحد الناس أن يتكلم عنهم إذ بالمصائب تعتريه من كل جانب.