فعاليات متجدده وممتعه عبر صفحات منتدانا الغالي |
- منتدى السـيرة النبويه ~•هناكل ما يختص بالسيرةالعطره والخلفاء الراشدين وكُل ما يتعلق بالأنبيآء عليهم السلآم والصحابه والصحابيات رضوان الله عليهم. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||
تكريم الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في ر
تكريم الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في رحلة الإسراء والمعراج (خطبة)
السيد مراد سلامة تكريم الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج الخطبة الأولى الحمد لله الذي نوَّر بجميل هدايته قلوبَ أهل السعادة، وطهَّر بكريم ولايته أفئدة الصادقين، فأسكن فيها وداده، ودعاها إلى ما سبق لها من عنايته، فأقبلت منقادةً، الحميد المجيد الموصوف بالحياة والعلم والقدرة والإرادة، نحمَده على ما أَولى من فضل وأفاده، ونشكُره معترفين بأن الشكر منه نعمة مستفادة. وأشهد أن لا اله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو علي كل شيء قدير، شهادةً أَعُدُّها من أكبر نعمه وعطائه، وأعدها وسيلة إلى يوم لقائه، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه الذي أقام به منابرَ الإيمان ورفع عماده، وأزال به سنانَ البهتان ودفَع عناده، وشفَع في خير الخلائق طرًّا، نبيًّا لم يزل أبدًا حبيبًا، هو الهادي المشفَّع في البرايا، وكان له رحيمًا مستجيبًا، عليه من المهيمن كلَّ وقت صلاة تملأ الأكوان طيبًا. وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه، وتمسك بسنته واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين، أما بعد: فإخوة الإيمان أحباب النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، نقف في هذا اللقاء مع تكريم رب الأرض والسماء جل جلاله لسيد الأصفياء صلى الله عليه وسلم في رحلة الصفاء والنقاء في رحلة القرب والعطاء، في رحلة الإسراء والمعراج، فقد كرَّم الله نبيه صلى الله عليه وسلم على سائر خلقه، فقد زكَّاه في عقله، فقال: ﴿ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [النجم: 2]، وزكَّاه في صدقه، فقال: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النجم: 3]، وزكاه في علمه فقال: ﴿ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 5]، وزكاه في فؤاده فقال: ﴿ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ﴾ [النجم: 11]، وزكاه في بصره فقال: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ [النجم: 17]، وزكاه في صدره فقال: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، وزكاه في ذكره فقال: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4]، ثم أعطاه البشارة الكبرى والنعمة العظمي؛ حيث زكاه كله فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم ﴾ [القلم: 4]. أيها الأحباب أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الله تعالى منح نبيه سلم الله عليه وسلم أوسمة عديدة من التكريم، فهي بحق كانت رحلة للتكريم الإلهي للحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، وهاكم بيان ذلك: التكريم الأول: التكريم بالإضافة إلى الكريم جل جلاله: من أراد أن يعلم، وأن يقف على شرف العبودية لله، لينظر إلى آيات من القرآن العظيم، أنتم تعلمون قصة الإسراء وتلك الرحلة العجيبة التي أسرى الله فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس، وتلا ذلك عروجه به إلى حيث لم يعرج أحدٌ، في هذه الرحلة العجيبة، في هذا التقريب العظيم، وصف الله نبيه بوصف العبد: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]، ولم يَختر له وصفًا غيره، لم يقل سبحان الذي أسرى بنبيه ولا برسوله ولا بمحمد، ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء:1]، لماذا يختار له هذا الوصف في تلك المقامات العالية؟ لنستشف منه عظم هذه المسألة. والمراد ﴿ بِعَبْدِهِ ﴾ خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، والإِضافة للتشريف والتكريم، وأوثر التعبير بلفظ العبد للدلالة على أن مقام العبودية لله تعالى هو أشرف صفات المخلوقين وأعظمها وأجلها؛ إذ لو كان هناك وصف أعظم منه في هذا المقام لعبَّر به، وللإِشارة أيضًا إلى تقرير هذه العبودية لله تعالى وتأكيدها، حتى لا يلتبس مقام العبودية بمقام الألوهية، كما التبسا في العقائد المسيحية؛ حيث ألَّهوا عيسى عليه السلام، وألَّهوا أمَّه مريم، مع أنهما بريئان من ذلك؛ قال الشيخ القاسمي نقلًا عن الإِمام ابن القيم في كتاب "طريق الهجرتين": أكمل الخلق أكملهم عبودية لله تعالى، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أقرب الخلق إلى الله تعالى وأعظمهم عنده جاهًا، وأرفعهم عنده منزلة، لكماله في مقام العبودية، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "أيها الناس، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي، إنما أنا عبد"، وكان يقول: "لا تُطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله". وذكره سبحانه بسمة العبودية في أشرف مقاماته، في مقام الإِسراء حيث قال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾ [الإسراء:1]، وفي مقام الدعوة حيث قال: ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ ﴾ [الجن: 19]، وفي مقام التحدي حيث قال: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا ﴾ [البقرة: 23]، وقوله: ﴿ ليلًا ﴾ ظرف زمان لأسرى. إذا كان السماح إليك يعزى فحاشا بالذي قدمت أجزى وذا فقري إليك أراه كنزًا ومما زادني شرفًا وعزَّا وكدتُ بأَخْمُصي أطأ الثُّريا على مأمول رحمتك اعتمادي دعاني للجراءة والتمادي وأطمَعني الرجا بك لاعتقادي دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيَّرت أحمد لي نبيَّا التكريم الثاني: شق الله تعالى لصدره صلى الله عليه وسلم: أمة الإسلام، ومن صور التكريم التهيئة للقائه جل جلاله بشق صدره صلى الله عليه وسلم؛ أخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كان أبو ذر رضي الله عنه يُحَدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمَّ أَطْبَقَهُ.."[1]. كانت هذه العملية العجيبة بمنزلة الإعداد للرحلة المهولة القادمة، رحلة الإسراء والمعراج، بل إن شئت فقل: إن عملية شقِّ الصدر ورحلة الإسراء كانتا بمنزلة الإعداد لرحلة المعراج إلى الملكوت الأعلى، واختراق السنوات، والحوار مباشرة مع ربِّ العالمين! لقد كان إفراغ الإيمان والحكمة في القلب بشكل مباشر أمرًا ضروريًّا لإتمام الحدث المهيب! التكريم الثالث: التكريم بالصلاة بالأنبياء إمامًا: إخوة الإيمان، من مظاهر تكريم الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم، أن جعله الله تعالى إمامًا للجميع، فأمَّهم وصلَّى بهم وفي هذا تفضيل للنبي صلى الله عليه وسلم عليهم أجمعين؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم-: (... وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّي، فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ، وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَائِمٌ يُصَلِّي، أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَائِمٌ يُصَلِّي أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ - يَعْنِي: نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَأَمَمْتُهُمْ)[2]. الحكمة من إمامة النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء: العلة من تقديم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة بالأنبياء إمامًا في المسجد الأقصى الذي هو دار الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل عليه السلام، هي الدلالة على أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الإمام الأعظم والرئيس المقدَّم كما نصَّ على ذلك الحافظ ابن كثير رحمه الله عند أول تفسيره لسورة الإسراء، وقال أيضًا رحمه الله في معرض حديثه عن إمامة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء: "ثم أُظْهِرَ شرفُه وفضله عليهم بتقديمه في الإمامة، وذلك عن إشارة جبريل عليه السلام له"، ولا شك أن نبينا صلى الله عليه وسلم هو مقدَّم الأنبياء وأفضلهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ)[3]. وقد التمس بعض العلماء حكمة أخرى من تقدُّمه عليه الصلاة والسلام إمامًا للأنبياء، فقالوا: قوله في الحديث: (فأمَمْتُهم) فيه والله أعلم إشارة إلى تولي هذه الأمة أمر قيادة البشرية"[4]. عن ابن عباس قال: فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي، فَالْتَفَتَ ثُمَّ الْتَفَتَ، فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ[5]. قال الشيخ الألباني رحمه الله: ثم اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إنما هي حياة برزخية، ليست من حياة الدنيا في شيء، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها، ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا. هذا هو الموقف الذي يجب أن يتَّخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء، كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادِّعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية! قال: يأكل ويشرب ويجامع نساءه، وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى[6]. التكريم الرابع: الصعود إلى سدرة المنتهى: ومن أجلِّ صور التكريم أن صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزلة ومكان لم يصل إليه أحدٌ من الخلق إلا وهو سدرة المنهى، ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 13 - 16]. إنها اللحظة الوحيدة في الرحلة التي عاشاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون صحبة جبريل عليه السلام، فالمستوى الذي رُفِع إليه الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُسمَح لأحدٍ من البشر أو الملائكة أن يَقترب منه! هنا كان اللقاء في سدرة المنتهى شجرة عظيمة في السماء السابعة، وهي حَدٌّ فاصل لا يتجاوزه أحد؛ فهي المنتهى لكل رحلة، إلا رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يقول النووي: سُمِّيَتْ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى؛ لأَنَّ عِلْمَ الْمَلاَئِكَةِ يَنْتَهِي إِلَيْهَا، وَلَمْ يُجَاوِزْهَا أَحَدٌ إِلاَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم[7]. زيارة سدرة المنتهى! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى"[8]، وقال في رواية أخرى: "فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا"[9]. ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا"، قَالَ: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 16]، قَالَ: "فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ"[10]، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ. الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أن لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، هُوَ يَتَوَلَّى الصَالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَومِ الدِّين. التكريم الخامس، العطايا الرحمانية خواتيم سورة البقرة، وأما الأمران الثاني والثالث فقد جاءا في حديث آخر، وقد ذُكِرا مع الصلوات الخمس؛ روى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: "لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا فَيُقْبَضُ مِنْهَا"، قَالَ: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ﴾ [النجم: 16]، قَالَ: "فَرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ"، قَالَ: "فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا، الْمُقْحِمَاتُ، وفي رواية الترمذي بسند صحيح زاد: "فَأَعْطَاهُ اللهُ عِنْدَهَا ثَلاَثًا لَمْ يُعْطِهِنَّ نَبِيًّا كَانَ قَبْلَهُ.."[11]. عن ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما: "بينَما جبريلُ قاعِدٌ عندَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سمِعَ نَقيضًا مِن فوقِه، فرفَعَ رأْسَه، فقال: هذا بابٌ مِن السَّماءِ فُتِحَ اليومَ لم يُفْتَحْ قطُّ إلَّا اليومَ، فنَزَلَ منه مَلَكٌ، فقال: هذا مَلَكٌ نزَلَ إلى الأرْضِ لم يَنزِلْ قطُّ إلَّا اليومَ، فسَلَّمَ، وقال: يا مُحَمَّدُ، أَبشِرْ بنُورَينِ أُوتِيتَهما لم يُؤْتَهما نَبِيٌّ؛ فاتحةِ الكِتابِ، وخَواتيمِ سُورةِ البَقرةِ، لنْ تَقرَأَ حرْفًا مِنها إلَّا أُوتِيتَه"، فيكونُ الأصلُ في ذلك: أنَّ اللهَ أوْحى بخَواتيمِ سُورةِ البَقرةِ إليه في لَيلةِ الإسراءِ أصْلًا، ثمَّ نزَلَ إليه الملَكُ بها في مرَّةً أُخرى. التكريم السادس: تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بكلامه إليه: وهو ثابت في رحلة المعراج إلى السماء، وفيها قوله صلى الله عليه وسلم: (فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ... فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ[12]. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: هذا من أقوى ما استُدل به على أن الله سبحانه وتعالى كلَّم نبيَّه محمَّدًا صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء بغير واسطة[13]. فائدة في اختصاص موسى عليه السلام بتسميته " كليم الله ": ولعل العلة -والعلم عند الله سبحانه وتعالى -في تسمية موسى " كليم الله " مع أن الله كلَّم محمَّدًا وكلَّم آدم: أن الله كلَّمه على الأرض وهو على طبيعته البشرية , بخلاف تكليم الله لآدم فإنه كلمه وهو في السماء , وتكليم الله لمحمَّد فإنه كلمه وقد عرج بروحه وجسده إلى السماء , أما تكليمه لموسى: فهو على الأرض , وهذا فيه خصوصية لموسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم. التكريم السابع: تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بدخوله الجنة: ومن صور التكريم أن أدخله الله تعالى دارَ كرامته، وأشهده على ما أعد الله تعالى له ولأمته من بعده في الجنة؛ عنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ أبو ذَرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُحَدِّث أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:....... ثُمَّ انْطَلَقَ بي حَتَّى انتهَى بِي إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهي وغَشِيَهَا ألْوَانٌ لا أدرِي ما هِيَ، ثُمَّ أدْخِلْتُ الجَنَّةَ فَإِذَا فيها حبَائلُ اللؤلُؤِ وِإذَا تُرابُهَا المِسْكُ"[14]. "إِن الحبايل القلائد والعقود، أَو يكون من حبال الرمل؛ أَي: فِيهَا اللُّؤْلُؤ كحبال الرمل، وَهُوَ جمع حَبل، وَهُوَ الرمل المستطيل)[15]. التكريم الثامن: التكريم الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بالتخفيف عن أمته: ومن صور التكريم من الكريم جل جلاله لنبيه صلى الله عليه وسلم - أن خفَّف عن أمته في التكليف بالصلاة كرامةً له صلى الله عليه وسلم؛ عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام، ففرَض الله على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى، فقال: ما فرض الله لك على أمتك، قلت: فرض خمسين صلاة، قال: فارجع إلى ربك فإن أمَّتك لا تطيق ذلك، فراجعني فوضَع شطرها، فرجعت إلى موسى، فقلت: وضع شطرها؛ فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق، فراجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه، فقال: ارجع إلى ربك، فإن أمَّتك لا تطيق ذلك، فراجعته، فقال: هي خمس وهي خمسون، لا يبدَّل القول لدي، فرجعت إلى موسى فقال راجع ربك، فقلت استحييتُ من ربي، ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى، وغشِيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أُدخلت الجنة، فإذا فيها حبايلُ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك[16]. اللهم استُرنا ولا تفضَحنا، وأكرِمنا ولا تُهنَّا، وكنْ لنا ولا تكن علينا. اللهم لا تدَع لأحدٍ منا في هذا المقام الكريم ذنبًا إلا غفرتَه، ولا مريضًا إلا شفيتَه، ولا دَينًا إلا قضيتَه، ولا همًّا إلا فرَّجتَه، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا عاصيًا إلا هديتَه، ولا طائعًا إلا سدَّدته، ولا حاجة هي لك رضا ولنا فيها صلاحٌ إلا قضيتَها يا رب العالمين. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرقًا معصومًا، ولا تجعل فينا ولا منَّا ولا معنا شقيًّا أو محرومًا. اللهم اهدِنا واهدِ بنا، واجعلنا سببًا لمن اهتدى. اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبِضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، ولا مغيِّرين ولا مبدِّلين برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم احمِل المسلمين الحفاةَ، واكسُ المسلمين العراة، وأطعِم المسلمين الجياع. [1] البخاري: كتاب الصلاة، باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء، (342). [2] رواه مسلم (172). [3] رواه مسلم (2278). [4] موقع الإسلام سؤال وجواب. [5] رواه أحمد (4 / 167)، وفي إسناده كلام، لكن يشهد له ما قبله. [6]" السلسلة الصحيحة " (2 / 120). [7] النووي: المنهاج 2/214. [8] البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج، (3674). [9] مسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، (162). [10] مسلم، كتاب الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى (173). [11] مسلم: كتاب الإيمان، باب في ذكر سدرة المنتهى، (173). [12] رواه البخاري (3674) ومسلم (162). [13] "فتح الباري" (7 / 216). [14] البخاري (350). [15] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (4/ 46). [16] أخرجه البخاري في 8 كتاب الصلاة: 1 باب كيف فرضت الصلاة: في الإسراء.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|
منذ يوم مضى | #2 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
رد: تكريم الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم -
|
|
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
|